×
محافظة المنطقة الشرقية

برشلونة يفتتح مشواره في «الليغا» بانتصار صعب على بلباو

صورة الخبر

ظل الفيلسوف والمؤرخ الإنجليزي إدوارد جيبون، يقول في حديثه عن شخصية الفرد العربي، إنها شخصية حرة بطبعها، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمكان الصحراوي المفتوح، والنظام القبلي الذي يشكل صورة المجتمع، ويسمح بانتقال الفرد من قبيلة إلى أخرى. ليس ذلك رأي جيبون وحده، وإنما هو رأي كثير من فلاسفة عصر التنوير، أمثال: فولتير، وغوته، وحتى هيغل، فجميعم كانوا يستندون برأيهم إلى ما وصلهم من ترجمات لكتب الشعر وأدب الرحلات. ربما يتفق كثير من الدارسين لشخصية الفرد العربي مع هذه الآراء، إذا ما توقفوا عند صورة الفرد العربي في تكوينه في مرحلة ما قبل الإسلام وما بعده، وصولاً إلى الدولة العباسية، إلا أنه ما من شك أن الفرد العربي دخل بحالة تحول جذرية مع تشكل الدولة المستقرة المضبوطة بالنظام والقانون، والقائمة على فكرة الاستقرار. إن تطور شخصية العربي يبدو واضحاً عند الرجوع إلى مدونة الشعر والأدب، فما من شك أن صوت الشاعر الجاهلي وصورة شخصيته، ليست هي ذاتها التي يمكن قراءتها في القصيدة الحديثة. قد يكون الشاعر الصعلوك الشنفرى أكثر من قدم صورة متفلتة وحرة للفرد العربي، منذ لاميته التي تمثل حالة عربية حرة تسعى فيها الشخصية، بكل السبل الممكنة، للحصول على الحرية، وصولاً إلى سيرته الطويلة التي تكشف علاقة شاعر ارتبط بالبرية وتوحد مع الفضاء الحر، حيث يقول: أقِيمُوا بَنِي أُمِّي صُدُورَ مَطِيِّكُمْ / فَإنِّي إلى قَوْمٍ سِوَاكُمْ لأَمْيَلُ، ويكمل في البيت الثالث: وفي الأَرْضِ مَنْأَى لِلْكَرِيمِ عَنِ الأَذَى / وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَى مُتَعَزَّلُ بذلك يعلن الشنفرى، أنه اتخذ من ذئاب البراري خلان بديلاً عن أهله وأقاربه، لأنه يرفض الخنوع، والذلة، إذ يكمل قصيدة بالقول إن هذه الكائنات البرية فيها من الشيم والخصال، ما يجعلها أكثر صدقاً من أهله، فهي تحفظ السر، ولا تخذل من يستجير بها. مقابل هذه الصورة التي تنطلق من سيرة العيش نفسها، نجد واحدة من الأقلام الشعرية المتمردة في القصيدة الحديثة؛ تقول الشاعرة سنية صالح: كيف أسير في الأزمان الغريبة، وقد أدمنت روحي على طعم الظلام/أيّ موج سيهدر وأنا أخبرك عن الجلادين والأفاعي والمرائين واللصوص والكلاب المسعورة/والخونة،/ولأنهم جميعهم الطرف الرابح خسرت/ أنا الخاسرة الأبدية. لا تبدو المفارقة في النصين الشعريين على صعيد الوزن كما يكشف الشكل، وإنما في جوهر الشخصية العربية وتحولاتها، فالأول يكتب حالة تمرد وحرية مَعيشة، والآخر يكتب واقعاً مظلماً وقهراً لا تبدو الحرية فيه سوى حالة شعرية وحلم بعيد. Abu.arab89@yahoo.com