×
محافظة المنطقة الشرقية

«الشارقة للمسرحيات القصيرة».. خطوة نحو الاحتراف

صورة الخبر

بدأب وباستمرار وبلا كلل يجري ضخ المزيد من الطاقة والحيوية اللازمة لجعل مدينة جوهانسبرغ المترامية الأطراف، والتي تنتشر فيها ناطحات السحاب إحدى أهم المناطق الحضرية لتصبح المدينة بحق هي القلب الثقافي لجنوب إفريقيا. وقع الملايين من جميع أنحاء العالم في عشق مفاتن هذه المدينة المبهجة والمحبة للحياة والمرح رجوعاً إلى تأسيس المدينة في عام 1886. ولدت جوبورغ كما تعرف اختصاراً، من الشهوة المفاجئة للذهب وبصورة غير مخطط لها تماماً حيث إنها تقع على بعد مئات الأميال من أقرب المصادر الدائمة للمياه، ولكن تحتها يكمن أكبر احتياطي من معدن الذهب في العالم، حيث تنتج المنطقة الممتدة في شكل قوس بطول 300 كيلومتر تقريباً، أكثر من 40 ألف طن (أو ما يعادل 1.5 مليار أوقية) من المعدن اللامع، وهو ما يمثل قرابة نصف الذهب المستخرج من كوكب الأرض بأسره. وجاء الآلاف من الباحثين عن المغامرة والإثارة وصيادين الثروات والنصابين والتجار والبيروقراطيين ورجال الدين وغيرهم لينالوا نصيباً من الكنز الذهبي المكتشف، وبخلاف ما حدث في غيرها من مدن العالم الجديد فقد تركت جوهانسبرغ لتطوير خصائصها المميزة الفريدة على مدى قرون، ويبدو كما لو أن كل فرد في أسرة هذه المدينة الكبيرة التي تبدو غير مترابطة نوعاً ما، على اختلاف مشاربهم، وصلوا جميعهم في نفس اليوم. وبوصفها مدينة ناشئة فقد كانت جوهانسبرغ على الدوام مدينة للمهاجرين، ويشمل طيف الجيل الأول من المهاجرين في الضواحي الشمالية اليونانيين والإيطاليين والبرتغاليين واللبنانيين والهنود، ليفوق عددهم بسرعة البيض الآفريكانيرز المنحدرين من أصول هولندية وألمانية الذين سبقوهم. وأسهم انهيار نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) البغيض السابق في عام 1994 الذي تزامن مع الحرب في يوغسلافيا السابقة وسقوط جدار برلين، في تدفق جيل ثانٍ من المهاجرين من دول شرق أوروبا إلى جانب الصينيين والبنغاليين والباكستانيين والتايلانديين وبعض الأفارقة من الدول الأخرى ليصنعوا في جوهانسبرغ ذلك المزيج الفريد من نوعه في القارة الإفريقية. المشهد الحضري المتطور وبين عشية وضحاها نشأ الحي الصيني (تشاينا تاون) ومد جذوره في ضاحية سيريلدين التي كان يقطنها اليهود في السابق، بينما أصبح شارع أورانج غروف (بستان البرتقال) الذي كان يعرف تقليدياً ب إيطاليا الصغيرة هو نيجيريا الصغيرة. ويمكنك التعرف إلى الطيف الواسع من التنوع العرقي والديني في المدينة عبر القيادة على طول الطريق السريع M1 نحو الشمال حيث تتجاور العديد من كنائس ومعابد مختلف الطوائف المسيحية مع المساجد. تمت مراعاة القليل من التخطيط في وضع الخطط التطويرية للمدينة، حيث أصبحت الممرات التي كانت بين الأكواخ في السابق مسارات للأحصنة قبل أن تصبح دروباً وطرقاً ممهدة ثم طرقاً سريعة للسيارات، فكان هناك تخطيط حضري، ولكن ساد منطق التخطيط الجزئي العملي على التخطيط الرئيسي الكلي والشامل على مستوى الماكرو، حيث أعيد بناء وسط مدينة جوهانسبرغ أربع مرات في أقل من قرن كما يقول المهندس برايان مكيشن، البالغ من العمر 33 عاماً الذي امتلك شقة في مبنى أنستايس التاريخي في وسط مدينة جوهانسبرغ على الرغم من أنه ابن الضواحي، مبقياً نظره على المستقبل. ويقول مكيشن إن جولة التطوير الأولى كانت هي أكواخ الصفيح والخيام، وتلتها مباني جمهورية الترانسفال التي تغلب الطابع المحلي الوظيفي على المباني الضخمة، ثم أسلوب الإمبراطورية البريطانية، وبعد ذلك جاء أسلوب آرت ديكو، ولا تزال طفرة ناطحات السحاب المبنية بالطراز الأخير في حقبة ما بعد الحرب قائمة، حيث احتفظت المدينة بمركز حضري من عقد السبعينات من القرن العشرين فريد من نوعه وتم الحفاظ عليه بطريقة جيدة. وسرعان ما تطورت المدينة وتوسعت إلى الخارج حلقة فحلقة وفي جميع الاتجاهات. ويقال إن 10 أعوام من التطور في جوهانسبرغ تعادل نصف قرن في غيرها من المدن الأخرى، وفي حين امتدت مراكز التسوق والمجمعات السكنية وحدائق البلدات والمكاتب المكتملة حتى مع أشجار النخيل وكلها متصلة بواسطة الطرق وشبكات السكك الحديدية السريعة والجديدة بطريقة مثيرة للإعجاب، نجد أن هناك مسحة ملموسة من الفقر لا تزال تتخلل المدينة. العناية بالأحياء والضواحي وفي السنوات الأخيرة اتخذت وكالة تطوير جوهانسبرغ سياسة رسمية للتدخل ورفع مستوى البنيات الأساسية بالمدينة التي طالها التدهور منذ حوالي عام 2000 تقريباً. وتم تنفيذ عدد من المشاريع الجديدة للمدينة بما فيها جسر نيلسون مانديلا الذي أنجز في عام 2003، وضواحي كونستيتيوشن هيل و نيوتاون التي ابتدأ العمل فيها منذ عام 2001. وهو ما مهد الطريق أمام عودة الاستثمارات من قبل القطاع الخاص، وخصوصاً في مجال التطوير العقاري. واقتنص صغار المطورين العقاريين الفرصة لتنفيذ مشروعات واعدة في وسط المدينة القديم المهجور، حيث صنع جوناثان ليبمان مابونينغ، وهي منطقة حية للعمل والمرح اقتطعت من المنطقة الصناعية في الجزء الشرقي من المدينة، وشرع آدم ليفي في إعادة تطوير منطقة برامفونتين حيث برزت قاعات العرض والمقاهي ومتاجر التجزئة و الاستديوهات والمطاعم دفعة واحدة وبسرعة كبيرة في المنطقة. ولأول مرة منذ تأسيس المدينة بدأ سكان جوهانسبرغ في العودة إلى أماكن كانوا أخلوها في فترات سابقة ليبحثوا عن الراحة مما أطلقت عليه النخبة الإبداعية في المدينة إرهاق مراكز التسوق. وبينما كان هناك واحد أو اثنان فقط من المقاهي لتناول قهوة الكابتشينو في برامفونتين، أضحت الآن هناك سبعة مقاهٍ مستقلة تعمل جميعها بمستوى تجاري واعد، وأصبحت الصناعات الإبداعية ومحال البيع بالتجزئة تعود إلى المنطقة. وسوف تجد في الضواحي الشمالية للمدينة الكثير من نماذج الهندسة المعمارية المستقاة من التاريخ، والتي تبتعد عن الواقع بحيث تجعلك تشعر وكأنك في عالم أوروبا القديم، في حين أنها قد تكون بنيت منذ ستة شهور فقط، وابتدأ الجيل الأصغر والأكثر تطلعاً في تقدير وسط المدينة من جديد بحثاً عن الخبرات الأصيلة ونماذج الهندسة المعمارية والأحياء الحضرية. وبالآلاف يتزاحم سكان الضواحي في الوقت الحالي على أسواق المواد الغذائية في داخل المدينة في نهاية كل أسبوع، حيث يكون التسوق يوم السبت في سوق برامفونتين نيبور غودز، بينما يكون يوم الأحد في سوق ماركيت أون ماين في مابونينغ، ووفرت هذه الأسواق للكثيرين من الشباب أول طعم للحياة في الهواء الطلق في جوهانسبرغ الحديثة، حيث يجري التغيير بوتيرة مربكة. جوهانسبرغ قلب البلاد الثقافي شهد العقد الماضي افتتاح عدد من المسارح الجديدة بما فيها تياترو آت مونتيكازينو وذا لايرك وإعادة افتتاح مسرح أليكساندر ثياتر، وقبل عامين أعيد افتتاح سويتو ثياتر الحديث ليضيف 420 مقعداً جديداً لمجموع مقاعد المسارح في المدينة التي يقدر عددها ب 17 ألف مقعد، كما يجري العمل على ترميم وإعادة تجديد مسرح ماركيت ثياتر التاريخي في نيوتاون بتكلفة تزيد على 9 ملايين دولار.وتعتبر مدينة جوهانسبرغ بشكل عام من نوع المدن التجارية التي تركز على الأعمال بشكل عام مع فتور المشهد الفندقي نسبياً في المدينة، إلا أن وصول فندق فور سيزونز الأول في جنوب إفريقيا هز تلك القناعة.تمت إعادة تشكيل فندق ستكليف السابق بشكل كامل ليصبح المنتجع الحضري الحديث المكون من 117 غرفة، ليجمع بين العمل والمرح في ازدواجية محببة. فور سيزونز هوتيل يشهد المشهد الثقافي في المدينة انفجاراً هو الآخر مع بروز سلسلة من المناسبات والفعاليات السنوية التي يجري فيها إشراك المجتمعات التي كانت مهمشة في السابق، مثل احتفالات رأس السنة الصينية الجديدة والديباوالي ومهرجان ليسوتو لاند للفنون البرتغالية. وتشهد المدينة صحوة ثقافية حقيقية مع استقرار عدد كبير من فناني جنوب إفريقيا المعاصرين الذين يحظون بقبول واسع عالمياً مثل وليام كنتريدج وديفيد غوبلات وكيندال غيرز وميخائيل سوبتسكي وديفيد كولوان، ويجري اختراع التقويم الثقافي المؤسس للمدينة من جديد وفتح المزيد من الساحات الثقافية مثل معرض جوبرغ آرت فاير الذي ينمو بشكل هائل. ومن الوجوه الثقافية الجديدة هناك متحف يتس للفنون المعروف بمجموعته للفنون المعاصرة في جنوب إفريقيا ويعتبر أهم مقرات الفنون التقليدية لإفريقيا شبه الاستوائية.