قبل خمس سنوات أو أكثر كانت الأندية الأدبية في المملكة تعاني من ضائقة مالية لكننا كنا نقرأ بشكل دائم عن نشاطات بعض الأندية التي كانت تثري الساحة الثقافية بحراكها الدائم، وتقدم المنتج الثقافي المبني على المعرفة وليس المبني على «المجهول»، أقصد (المصالح الخاصة)، وكانت مجلات تلك الأندية غنية بالمعرفة والعطاء الثقافي الذي كنا نتعطش بين الحين والآخر لقراءتها والاحتفاظ الكامل بأرشيف بعض أعدادها كمرجع أساسي لقراءة بعض الدراسات المتميزة. وبعد المنح المليونية التي وصلت تلك الأندية، وكذلك حالة الانتخابات التي مرت بها، توقعنا أن نجد نشاطاً ثقافياً متميزاً من بعضها وليس جميعها؛ حيث إن هناك بعض الأندية أصبحت حالة من الوجاهة والعلاقات العامة وربما عمل لبعض العاطلين من «الإخوة العرب». إدارة تلك الأندية هي الأخرى بطبعها لا تقدم ولا تؤخر، وما كانت تلك الملايين التي حصلت عليها سوى فواتير استثمارية لبعض أعضائها، والمهم – المحاسب القانوني – كي لا نقع فريسة سهلة للجهات المسؤولة عن المحاسبة المالية في الوزارة. أندية معدودة فقط هي التي تعمل بنشاط مستمر اليوم (الرياض، جدة)، أما بقية المناطق فنجد أن القائمين عليها يعدون أنشطة مناسباتية ولا ينسون إقامة مهرجان ضخم يصرفون من خلاله فواتير بأرقام خيالية ويدعون لها من المتثاقفين وبعض الصحفيين كي يقوموا بتزيين تلك المهرجانات التي أصبحت غير مغرية. لماذا غابت تلك الأنشطة عن أنديتنا؟ ولماذا لا توجد أي مساءلة لدى الجهات المعنية عن هذه الأنشطة ومراقبتها، وتقديم خطط (أسبوعية/ شهرية/ سنوية)، ومناقشتها مع لجنة حقيقية تستطيع الإشراف على الأداء، وليس جهات إشرافية على الصرف المالي فقط؟ ضاعت الملايين بين الأحجار والمباني غير المدروسة في خرائطها، وقليل من الأندية التي بحثت عن استثمارات دائمة مثل شراء عمارات استثمارية توفر دخلاً للنادي، وبعيداً عن المحاسبة المليونية لتلك الأندية نتساءل: ما هو سر هذا الموت البطيء الذي مرت به الأندية بعد الانتخابات التي أصبحت في خبر كان، وبعد إقرار اللائحة التي لم يجتهد أي نادٍ بتقديم أمسيات توضح أهمية هذه اللائحة لأدباء وكتاب المناطق، وبين الاستقالات والتغييرات المستمرة في المسؤول عن الأندية الأدبية في وزارة الثقافة والإعلام. لن أقول إنها حالة من الضعف أو حالة من التهاون ولكن أعتقد بأن المهتمين بوضع الأندية الأدبية أصبحوا يشعرون أنها غير مجدية وأنها تخدم فئات معينة دون أخرى، وتطبع في مطابع ذات فائدة خاصة للبعض، وتقدم مجلات لا يقرأها غير الأعضاء؛ لذا أصبح أدباء المنطقة مهاجرين بين الجمعية السعودية للثقافة والفنون التي تحاول أن تسحب البساط دون – ملايين – وبين المنتديات الأهلية التي أصبحت أكثر جماهيرية ومصداقية تجاه محبي الثقافة.