يبدأ اليوم اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان في العاصمة الفرنسية التي انتقل إليها رئيس الجمهورية ميشال سليمان على رأس وفد وزاري واستشاري. وضم الوفد الوزاري المرافق نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل ووزيري الخارجية جبران باسيل والشؤون الاجتماعية رشيد درباس. وسيحضر الاجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى جانب نظرائه الأميركي جون كيري والفرنسي لوران فابيوس والبريطاني وليام هيغ والألماني فرانك فالتر شتاينماير. وتشارك المملكة العربية السعودية فيه. وزار سليمان لدى وصوله الى باريس مقر منظمة «يونيسكو» واستقبلته المديرة العامة إرينا بوكوفا وسفراء الدول العربية والغربية لدى المنظمة، ورؤساء المجموعات الجغرافية والفرانكوفونية والـ77 والصين وممثل جامعة الدول العربية لدى فرنسا وأعضاء المندوبية الدائمة للبنان لدى «يونيسكو». وتطرق البحث، وفق بيان لـ «يونيسكو» إلى «مواضيع تهم لبنان والمنطقة، لا سيما مسألة الطلاب السوريين النازحين وضرورة تفعيل دور المنظمة في هذا الإطار ميدانياً والتعاون القائم بين «يونيسكو» و«إنتربول» في ملاحقة استيراد وتصدير ونقل الممتلكات الثقافية السورية بطرق غير مشروعة». ولفت سليمان إلى «ضرورة تعزيز المكتب الإقليمي لـ «يونيسكو» في بيروت لما له من أهمية على الصعيدين المحلي والإقليمي. ونوه بمشروع للشباب (NET MED jeunesse) الممول من جانب الاتحاد الأوروبي وبإشراف المنظمة، والمستوحى من وثيقة السياسة الشبابية التي أعلنها سليمان في 1/12/2012. كما تناول البحث إمكان توسيع نطاق عمل المركز الدولي لعلوم الإنسان في بيبلوس - جبيل». وقالت أوساط الرئاسة الفرنسية أمس، إن الرئيس فرنسوا هولاند سيعلن بعد لقائه سليمان عن المبلغ المالي الذي ستودعه فرنسا في الصندوق الائتماني الدولي الذي أنشئ لدعم لبنان. وقالت المصادر إن هولاند سيستضيف جميع المشاركين في المؤتمر على غداء عمل في قصر الإليزيه، في تغيير في البرنامج الذي كان متوقعاً أن يستكمل في وزارة الخارجية بعد لقاء هولاند وضيوفه. وهذا يعني أن أعمال المجموعة الداعمة للبنان انتقلت إلى القصر الرئاسي ومن المتوقع أن يدلي الرئيسان الفرنسي واللبناني بكلمتين من دون عقد مؤتمر صحافي بسبب عدم رغبة سليمان بعقد المؤتمر الصحافي المشترك. وأجرى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لقاء مع نظيره اللبناني باسيل في مقر الخارجية الفرنسية. وفي ما يخص المساعدات على صعيد الإنساني قالت أوساط الرئاسة الفرنسية إن الشركاء في مجموعة دعم لبنان جمعوا مبالغ لتغطية أفضل لحاجات اللاجئين السوريين في لبنان، في ظروف تحتاج إلى مؤسسات فاعلة للدولة اللبنانية في طليعتها الحكومة. واعتبرت الأوساط أن حضور الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لاجتماع اليوم له أهمية كبيرة من ناحية تعزيز وحدة صفها حول لبنان، على ضوء الانقسام الكبير بين هذه الدول في شأن الأزمة السورية، وحضور روسيا والصين مهم جداً تبعاً لذلك، إضافة إلى ألمانيا وإيطاليا. وأوضحت المصادر أن حضور روسيا مهم لأنها شريك في تنفيذ القرار ١٧٠١ للبنان كما أنها ضرورية لمكافحة الإفلات من العقاب إزاء الجرائم وتنفيذ القرار ١٥٥٩، وهذه مواضيع أكثر تعقيداً بالنسبة لروسيا. سورية موضوع مختلف وأضافت المصادر أن «المجموعة الداعمة للبنان في حاجة إلى روسيا لتأكيد التوافق الدولي على لبنان، في ظل ضغط دولي كبير على روسيا حول ملفات عدة منها سورية. فروسيا بالنسبة إلى هذه المجموعة ليست شريكاً فاعلاً على صعيد الدعم المالي والعملي، لكنها مهمة في مجلس الأمن وحتى الآن هناك اتفاق مع الروس حول الوضع في لبنان. ومن المهم التأكيد أن سورية موضوع مختلف عن لبنان بالنسبة للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن». وأردفت المصادر أن باريس رغبت في دعوة دول سبق أن استجابت لدعوة المجموعة الدولية لتعزيز مساندتها للبنان، وهي السعودية التي قدمت الدعم للجيش اللبناني وإسبانيا في إطار مشاركتها في «يونيفيل» وفنلندا والنروج، في إطار دعمهما للصندوق الائتماني، إضافة إلى المنظمات الدولية في طليعتها الأمم المتحدة التي سيمثلها السفير جيفري فيلتمان ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية UNDP والمفوضية العليا للاجئين الممثلة بأنطونيو غوتيريس والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية. وقالت الأوساط إن هدف الاجتماع تعزيز رغبة المجموعة الداعمة في مساعدة لبنان واتخاذ إجراءات جديدة حيال وضع يتفاقم من حيث خطورته، طالما أن الأزمة السورية مستمرة. وباريس بذلت جهوداً من أجل الدفع إلى تشكيل حكومة جديدة عبر تعبئة الشركاء الإقليميين لحضّ اللبنانيين على اللقاء وتفعيل المؤسسات اللبنانية كي يتمكن لبنان من مواجهة الصدمة الناتجة عن الصراع في سورية. وتابعت المصادر: «أن الحض على التوافق في لبنان لا يعني أنه ينبغي أن يكون بأي ثمن، بل أن يتم وضع خطة سياسية جدية ذات صدقية لمصلحة أمن البلد وإطلاق الاقتصاد اللبناني وتحمل عبء اللاجئين السوريين». وقالت الأوساط إنه بعد تشكيل حكومة تمام سلام، لدى باريس هدفان من هذا الاجتماع: «الإتاحة لهذه الحكومة أن تعمل في ظروف جيدة عندما يتم تبني البيان الوزاري، والهدف الآخر هو أن نظهر للبنانيين أنه عندما تتوفر لديهم خطة سياسية جدية وتوافقية، فإن الأسرة الدولية مستعدة لمساعدة البلد وتشجيع كل الدول التي تريد المساهمة في الجهد الدولي على القيام بذلك». ورأت الأوساط أن كل ذلك يأتي في إطار احترام السيادة اللبنانية ومساندة جهود اللبنانيين على الصعيد الدولي. وفي تقدير أوساط الرئاسة الفرنسية أن هناك اليوم أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان وفق أرقام المفوضية العليا للاجئين، ما يمثل بين ربع ونصف الشعب اللبناني والزيادة مستمرة، وهناك 60 ألف لاجئ سوري يصلون إلى لبنان شهرياً، «والمشكلة حتى الآن أنه في غياب الحكومة لا توجد خطة متماسكة لتحمل عبء هؤلاء. وتنتظر الأسرة الدولية من لبنان والحكومة وضع خطة لتقديمها إليها تمهيداً لخطة دولية تساعد لبنان على إدارة موضوع اللاجئين لمنع زعزعة استقراره وزيادة تفاقم الأزمة فيه». وقالت الأوساط نفسها أن اللاجئين يتوزعون أين ما كان على الأراضي اللبنانية، في ظروف لها كلفة أمنية واقتصادية كبرى على لبنان، هذا فضلاً عن تزايد العمليات الإرهابية والتفجيرات في لبنان نتيجة تورط «حزب الله» في الحرب في سورية، خصوصاً أن هناك تحضيراً لمعركة في يبرود، يشارك الحزب في شكل كبير فيها». ورأت الأوساط أنه «نتيجة لذلك، فإن عدداً من المجموعات المتطرفة التي لا يمكنها المحاربة في سورية تنقل معركتها إلى الأراضي اللبنانية حيث يوجد «حزب الله» الذي تعرض مشاركته في سورية لبنان إلى المزيد من الأخطار. كما أن الجرائم السياسية في نهاية ٢٠١٣ واغتيال الوزير محمد شطح وهو شخصية مهمة وليبرالية معتدلة، تمثل خطراً إضافياً متزايداً تنبغي مواجهته بإعطاء الجيش اللبناني الإمكانات لضمان أمن اللبنانيين وحماية السيادة والأرض اللبنانية. لذلك، رغبت باريس في المساهمة في خطة تعزيز قدرات الجيش اللبناني طبقاً لاستراتيجية الرئيس سليمان الدفاعية، وهي تعمل مع السعودية والسلطات اللبنانية لهذا الهدف في إطار الهبة السعودية بقيمة ٣ بلايين دولار أميركي». وأوضحت الأوساط أن صندوق الائتمان الدولي تم إنشاؤه من البنك الدولي ولكن إدارته تعود إلى الحكومة اللبنانية أي أنها من يقرر إذا اكتمل قيامها، كيفية استخدام هذه الأموال. وفي غياب خطة حكومية لمواجهة عبء اللاجئين، فإن أي مبلغ يتم إقراره لن يساعد على التعامل مع المشكلة. وقالت الأوساط الرئاسية الفرنسية أن الهدف الأساسي لباريس في هذا الاجتماع، هو الإتاحة للبنان أن يحمي نفسه من الأزمة السورية، خصوصاً أن مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية تعرض لبنان للأخطار. ومبادئ إعلان بعبدا كما عرضها الرئيس سليمان تمثل الأساس الوحيد لحماية لبنان. فتشكيل حكومة جامعة أمر جيد في لبنان ولكن الآن البيان الوزاري في نظر باريس ينبغي أن يتيح للبنانيين مهما كانت استراتيجيتهم التوافق حول الأمر الجوهري في بلدهم وهو الأمن. واختتمت الأوساط قائلة إن الأزمة الدولية مع روسيا إزاء أوكرانيا لن تؤثر في اجتماع اليوم حول لبنان. وكان سليمان تلقى رسالة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد نقلها إليه القائم بأعمال سفارة قطر لدى لبنان علي إبراهيم المالكي، وتتضمن دعوة إلى المشاركة في أعمال منتدى الدوحة الـ14 في أيار (مايو) المقبل في الدوحة.