لعبت المصادفة دوراً كبيراً في إقامة طالبة كلية التربية مع شقيقتين توأمتين داخل حجرة واحدة بالمدينة الجامعية، فلعبتا برأسها وصورتا لها شقيقهما الأكبر على أنه فارس أحلام كل الفتيات فهو يحمل كل الصفات الحميدة، أخلاقه ليس لها مثيل ويراعي الله في كل تصرفاته ووسيم وأحواله المادية ممتازة، لكن حظه العسر أوقعه في زوجة لم تقدره فتم الطلاق بعد عام واحد من الزواج على الرغم من وجود طفلة صغيرة، صورتا لزميلتهما بالحجرة مطلقة شقيقهما على أنها شيطان وأن شقيقهما هو الملاك وكانت كل واحدة منهما تؤكد أنها تتمنى لو يكون نصيبها مع زوج يحمل بعض صفات شقيقها، حتى تمنت الطالبة أن ترى شقيق زميلتيها اللتين تتحدثان عنه، وعندما رأته كانتا قد أجرتا لها مسحاً شاملاً لعقلها فرأته كما صورتاه لها فوافقت عليه زوجاً، بعد عقد القران وقبل إتمام الزواج انكشف القناع وظهرت الحقيقة وأن مطلقته كانت ضحية مثلها، فأسرعت تطلب الطلاق قبل أن يدخل بها. حلم غادة منذ الصغر أن تكون مدرسة فهي تعشق هذا العمل من دون أن تبحث في مزاياه أو عيوبه، فكانت تقوم بدور المدرسة مع شقيقتيها الأصغر منها، علمتهما الحروف والأرقام وهي في السابعة من عمرها وكان والداها معجبين بها فعملا على تنمية موهبتها وغرسا بداخلها بأنها ستكون أفضل معلمة في الكبر، فأصبح هدفها أن تلتحق بكلية التربية وعندما حصلت على الثانوية العامة كان عليها أن تتقبل الغربة لتلتحق بالجامعة وتترك بلدتها فالتحقت بالمدينة الجامعية، وعلى الرغم أن الأمر كان في غاية الصعوبة فقد قبلته لتحقق حلمها ويعد أول يوم لها بالمدينة الجامعية من أصعب الأيام التي مرت عليها في حياتها، فلأول مرة تبتعد عن أسرتها لكن والدها أوصى المشرفة بالمدينة بها وأن تضعها بين طالبات ملتزمات متعاونات حتى تشعر بالجو الأسري ولا تفتقده، وبعد تفكير توصلت المشرفة إلى أن وجود غادة مع الشقيقتين التوأمتين هدى ومها سيحقق مطلب والد غادة، رحبت هدى ومها اللتان تكبران غادة بعام واحد بها وقامتا بمساعدتها في الذهاب للكلية وكذلك في مذاكرة دروسها فهما بنفس الكلية وانبهرت غادة بالتوأم وأصبحتا شاغلها الشاغل فكانت تتابع كل تصرفاتهما وترصدها وتقربت منهما ووثقت بهما خاصة أنه لم يظهر منهما أي إساءة لها بل وجدت منهما اهتماماً كبيراً وكانت الفتيات بعد أن ينتهين من مذاكرة دروسهن يقضين الليل في الحكايات والذكريات عن الأهل والأصدقاء، وبحكم أن مها وهدى توأم فكانت حكاياتهما كثيرة إلى جانب أنهما يكملان حكايات بعضهما، ولاحظت غادة أن بطل كل حكاياتهما هو شقيقهما الأكبر هادي وكأنه أحد أبطال القصص الشعبية فتخيلته غادة فارساً شهماً شاهراً سيفه أمام كل ظالم مضحياً بسعادته من أجل الآخرين فتشوقت لرؤيته، لكن ذلك لم يكن بالأمر السهل فقد كانت هدى ومها بحكم بعد المسافة لا تسافران لبلدتهما كل أسبوع كما كانت تفعل غادة لذلك تأخر لقاؤها مع هادي، حيث إن زيارته لشقيقتيه كانت دائماً في نهاية الأسبوع في الوقت الذي تكون فيه قد سافرت لتزور أسرتها، كانت المرة الأولى التي قابلته فيها عندما اختلف موعد زيارته لشقيقتيه فقد حضر لزيارتهما في منتصف الأسبوع، وربما كان الأمر مدبراً من التوأم أو لعل المصادفة هي التي لعبت دوراً كبيراً في هذا اللقاء الذي استعدت له غادة وهندمت من هيئتها وكأنها ستقابل شخصية كبيرة. لم تكن غادة في حاجة لرؤيته لتعجب به فقد كان الإعجاب قد حدث بالفعل من خلال حكايات التوأم عنه، لكنها أصيبت بالإحباط بعد هذا اللقاء فقد اكتشفت أنه متزوج لكنه في مفاوضات مع زوجته لإتمام الانفصال، لم تعاتب غادة زميلتيها على إخفائهما زواج شقيقهما بل كتمت غضبها داخلها وانتهى العام الدراسي، وفي العام الثاني فوجئت غادة بنبأ سفرهادي للعمل في إحدى الدول العربية، كما علمت بأنه قد انفصل عن زوجته لكن الأكثر إثارة أن مطلقته حامل وفي شهرها الأخير، وبينما غادة في السنة الثالثة في الكلية فوجئت بزيارة هادي لشقيقتيه فتجدد داخلها الشعور بالإعجاب به لكنها تراجعت عندما تذكرت أنه مطلق وله ابنة، لكن التوأم لم تتركا لها الفرصة للتراجع فقد خططتا لإقناعها بأن هادي هو الزوج الوحيد المناسب لها، وأخذت كل منهما تتفاخر بمحاسنه ومواقفه الرجولية وكم كان كريماً مع مطلقته، فعلى الرغم من أنه اكتشف أنها ما زالت على علاقة بشاب كانت تعرفه قبل الزواج تستر عليها ولم يفضح أمرها، حرصاً منه على سمعة طفلته في المستقبل مع أن هذا الأمر يعتبر عاراً يستوجب قتلها، وتظاهرت التوأم بأن كلاً منهما لو قابلت رجلاً مثل شقيقها فإنها لن تترك الفرصة لتفقده. كانت الرسالة واضحة إلى غادة وعليها أن تفهمها لكنها تظاهرت بالسذاجة حتى فوجئت بأن هادي سوف يحضر لاصطحابهن في نزهة قبل سفره. كان اللقاء مرتباً حتى يكون هادي على انفراد مع غادة لأول مرة وصارحها بإعجابه بها وبأخلاقها ولمح لها برغبته في الزواج منها لكنها لم تعطه رداً قاطعاً، وفي السنة النهائية فوجئت غادة بأن هادي يرسل إليها بعض الهدايا وفي يوم عيد ميلادها وجدت طرداً خاصاً لها اكتشفت أنه من هادي وفيه هدية ثمينة وفي نصف العام فوجئت بزيارته لها فقد أنهت شقيقتاه دراستهما وتركتا المدينة الجامعية، وطلب الزواج منها بوضوح بعد أن عرض كل أوراقه، شبكة ثمينة وشقة عليها أن تحدد مكانها والسفر معه بعد إنهائها دراستها وجميعها عروض كافية لأن تدير رأس فتاة ساذجة مثل غادة، لكنها ذكرته بطفلته فأكد لها أن والدته ستتولى تربيتها وفي حالة وفاتها سوف تقيم الطفلة معهما فقد تنازلت والدتها عن حضانتها لتتفرغ لعلاقاتها المشينة، وثقت غادة بهادي ووافقت على الزواج منه وذهب لخطبتها من أسرتها وبصحبته والداه ومعه كم هائل من الهدايا الثمينة وشبكة قيمتها عشرون ألف جنيه إلى جانب ساعة ذهبية من والدة العريس وخاتم ماسي من والده، لم يصدق والدا غادة هذا الكرم الهائل فقد بهرتهما هدايا هادي وأسرته ولم تعطهما الفرصة للتفكير أو السؤال عنه لذلك وافقا على الخطبة على الفور. تمت الخطبة وبعد أسبوع طلب هادي عقد قرانه قبل السفر إلى مقر عمله حتى يتمكن من تقديم طلب لاستقدامها للإقامة معه، فوافق والداها بعد أن سلب هادي عقلهما كما فعل مع غادة من قبل، سافر وبالمصادفة تحدث والد غادة عن عريس ابنته أمام أحد زملائه وكانت الصدمة الكبرى بأن هذا الزميل من بلدة هادي نفسها ويعلم عنه الكثير وأخذ يروي حقيقة سبب خلافه مع مطلقته أم طفلته وأنه يرجع إلى تسلط والدته وتدخلها في حياتهما، كما أن الذي فعله هادي مع مطلقته أمر لا يصدقه عقل فقد احتجزها وأرغمها على كتابة إقرار بأنها على علاقة مع أحد أقاربها وساومها على الطلاق مقابل التنازل عن كل شيء، فوافقت لتتخلص من جحيم الحياة معه ومع أسرته، كما أنه استولى على مصوغات زوجته وكانت هذه هي الشبكة التي قدمها إلى غادة. لم يصدق والد غادة ما سمعه من زميله لكنه بعد البحث أيقن بصحته بل اكتشف ما هو ألعن فوالد هادي استولى على كل ميراث أشقائه بعقود مزورة. أصبح والد غادة في حيرة لكن حيرته حسمت عندما طلبت غادة من هادي أن يحجز الشقة التي وعدها بها، ففوجئت به يخبرها بأنهما سيقيمان مع والديه كما اكتشفت أنه يجهز أوراق حضورها عروساً له ومعها ابنته وعندما ذكرته بأنه وعدها بأن ابنته ستقيم مع والدته، أكد لها أن ابنته ستكون معه منذ اليوم الأول لزواجهما. انكشفت الأقنعة الزائفة وظهرت الوجوه القبيحة، طلبت غادة الطلاق لكن هادي رفض وعرض والدها أن يأخذ كل شيء دفعه مقابل تطليقها بهدوء، ففوجئ به يخبره بوقاحة أنه لم يحصل على الأهم وهو الزواج منها ولو ليلة واحدة، تأكد للجميع مدى نذالة هادي فأسرعت غادة إلى محكمة الأسرة وأقامت دعوى للخلع مقابل التنازل عن كل حقوقها