من فوائد المكوث فترة طويلة للاستجمام والسياحة في بلد بعينه التعرّف على عادات وثقافات البلد، وتلكم من فوائد السياحة حسب الإمام محمد بن إدريس الشافعي إذ يقول: تغرَّبْ عن الأوطانِ في طلبِ العُلى وسافِرْ فَفِي الأسفارِ خمسُ فوائدِ تَفَرُّجُ همٍّ، واكتسابُ معيشةٍ وعلمٌ، وآدابٌ، وصحبةُ ماجدِ ومن العلم والآداب الإحاطة ببعض خصائص الشعوب التي تميّزهم عن أبناء بلدك تحديدًا، إذ تسهل المقارنة بين الذي يجري هناك، والذي يتمُّ هنا، ومثال ذلك طريقتهم في قيادة المركبات مثلاً، أو انتظامهم في الطوابير، أو الاهتمام بالنظافة، أو كيفية التعامل بين الناس. وتركيا مثلاً بيِّنًا للدراسة والمقارنة، ولاكتسابِ علمٍ وآدابٍ. وسأعلّق على جانب واحد فقط هنا أثار اهتمامي؛ لكونه مختلفًا كثيرًا عمّا أراه في بلادي. وفي المساجد تحديدًا ترى شكلاً آخر لا نعهده في مساجدنا إلاّ نادرًا، أولاً فيها نظافة مبهرة؛ حتى لو كانت المباني متواضعة، ليس ثمة أحذية تُلقى كيفما اتّفق، بل رفوف مصفوفة، وأحذية مرصوصة، وأمّا مباني المساجد فغالبًا فاخرة، بمعنى أن أثر الخلافة العثمانية لا يغيب عنها من حيث تصميمها، وجمالها، وزخرفتها، واتّساع وكبر قبّتها التي تتوسّط المسجد، وارتفاع مآذنها المزدوجة بصورة لافتة لا تخطئها العين ولو من بعيد. وأمّا أئمة المساجد، فيبدو أنّهم يتلقّون تدريبًا عاليًا، لغتهم القرآنية العربية جيّدة، وواضحة، ومخارج حروفها سليمة، ولا يتنازل الإمام عن زيّه المميّز له، وهو ثوب من القفطان يرتديه فوق ردائه الخاص، ونادرًا ما يتغيّب الإمام، وإذا فعل فلا بدّ من بديل من ذات المستوى، إذ لا مكان لمتطوّع، أو مبتدئ قد لا يحسنُ تلاوة آيات الذكر الحكيم. ويعقب الأذان وقت قصير جدًّا يكاد بالكاد يكفي لأداء 4 ركعات سريعة من النافلة، تعقبها إقامة الصلاة، لذا يندر رؤية مصلّين متأخّرين يتمّون الصلاة، بل هم يحضرون مع الأذان أو قبله؛ ليشهدوا الصلاة كاملة. صراحة هي ثقافة مختلفة فعلاً. salem_sahab@hotmail.com