تابع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر إشرافه على التحقيقات الجارية في الاعتداء الإرهابي المزدوج على مقر السفارة الإيرانية لدى لبنان صباح الثلثاء الماضي. وتواصل تحليل الأشرطة المصورة التي التقطتها كاميرات المراقبة المثبتة في محيط السفارة للتعرف إلى الانتحاريين اللذين نفذا الاعتداء وتحليل الأشلاء المرفوعة من موقع الجريمة، في وقت تتواصل فحوص الحمض النووي ومطابقتها تمهيداً لتسليم الجثث المشوهة للضحايا الذين قتلوا في الانفجاريين إلى ذويها. ولا تزال عائلات تنتظر معرفة مصير أبنائها، لا سيما الشبان الذين كانوا في سيارة «البيك آب» التي كانت محملة بقوارير مياه الشرب والتي ساهمت في الحؤول دون تمكن الانتحاري الثاني من اقتحام حرم السفارة الإيرانية بعدما فجر الانتحاري الأول بجسده المزنر بالمتفجرات البوابة الكبيرة المخصصة لدخول السيارات. ويتحدث القاطنون في محلة سان سيمون القريبة من مقر السفارة في محلة الجناح والتي تعتبر أقدم حزام بؤس في محيط بيروت، عن مقتل أكثر من خمسة شبان من المحلة معظمهم يعمل في شركة المياه «منى كول» التي أنقذت إحدى مركباتها السفارة من الكارثة المحتمة. ومعظم العائلات التي فقدت أبناءها في هذه المحلة هي من عرب المسلخ، والتي ينتمي إليها أيضاً الشيخ سراج الدين زريقات الذي كان أعلن عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي مسؤولية «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» عن الاعتداء الإرهابي على السفارة. في أحد البيوت التي شيدت كالفطر على رمال الشاطئ، والتي لا يمكن الدخول إليها إلا من خلال فسحات بين الجدران المتلاصقة تسمح بمرور جسد طفل لا جسد بالغ، تجلس والدة صباح مصباح الخطيب (36 سنة) الثكلى وهي تبكي ابنها الذي رأت جثته على الأرض عبر إحدى محطات التلفزة حين وقع الانفجاران، فيما جلست أرملته إلى جانب طفليها تحاول إلهاءهما عن المصيبة التي حلت بهما من دون أن يعلما حتى الساعة بيتمهما. قالت الوالدة إن صباح كان عاد إلى العمل في الشركة بعد توقف استمر ست سنوات وأراد ورفيقه أن يتناولا طعام الفطور صباح الثلثاء فتوجها على دراجة نارية ولحقهما رفيقان لهما في سيارة «البيك آب» المخصصة لنقل قوارير المياه إلا أن الشبان الأربعة قضوا بالانفجار الثاني بعدما هربوا من الانفجار الأول باتجاه الانفجار الثاني من دون علمهم بما ينتظرهم. ويستعيد أقارب صباح الذي دفن في مدافن الباشورة، أسماء رفاق مفقودين وآخرين شيعوا أول من أمس، كلهم يقطنون في محلة السان سيمون ويعملون في الشركة المذكورة التي يبدو أنها مصدر رزق الكثير من العائلات في هذه المحلة. وهم: زين زين ومحمد شحرور وبلال قداحة وعلاء صبرا إلى جانب عامل سوري في الشركة المذكورة كان يرافقهم تقطعت أطرافه جراء الانفجار الثاني، إلى جانب حسين فاعور وهو كان تقدم بطلب للعمل في الشركة وحين قضى كان في طريقه إلى الشركة القريب مقرها من محيط السفارة لمعرفة ما إذا قبل طلب توظيفه أم لا. يتجنب الأقارب الحديث عن أي معرفة بعائلة زريقات حتى ولو كانت من عرب المسلخ وتقطن في خلدة. ويصحح أحد العارفين بالعائلات المذكورة أنها «سريجات» وهذا الشيخ يقال إن والدته سورية. لكن يجمع كل من كان في العزاء على أن «من قام بهذا العمل هو مجرم. ونحن لا ننتمي إلى أي حزب ولا أحد توجه إلينا بكلمة عزاء في مصابنا ولنا الله». وكان لبنان الرسمي نفذ حداداً من خلال التوقف عن العمل في الدوائر الرسمية لمدة ساعة التزاماً بقرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «حداداً على أرواح الشهداء الذين سقطوا». لكن الحداد في محلة سان سيمون يبدو عادة، فكثيرة صور الشبان المعلقة على أعمدة الكهرباء وجدران محلات اللحامين وميكانيك السيارات الذين قضوا إما غرقاً أو نتيجة ماس كهربائي أو المرض مخلفين عائلات تعتاش من عمل بناتها في خدمة المنازل أو الشركات وأطفال يلهون على أعتاب أشباه البيوت.