مدت المقاومة الشعبية في اليمن يدها لحقن الدماء وشطب مصطلح الثأر الرائج في البلاد، مركزة على أن الموالين للميليشيات الحوثية والقوات التابعة للرئيس اليمني المخلوع الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء سيكونون في أمان، وأكدت على ضمان عدم الاعتداء والثأر لمن أجرموا في حق المواطنين في تعز. وتعهدت المقاومة بـ«صيانة حقوقهم وأملاكهم وإقامة محاكمات عادلة في حقهم، أما الموالون للحوثيين وللرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ممن لم تتلطخ أيديهم بالدم فإنهم في مأمن وليس عليهم شيء»، وعن استعدادها للوساطة بين قتلة الأبرياء وأولياء الدم، داعية من لا يزالون مختبئين من القناصين والقتلة المصرين على إهدار الدماء للعودة إلى صوابهم ورشدهم، والاعتراف بالهزيمة والانسحاب، والتوقف عن استهداف المواطنين والمقاومين لبطشهم. وعقدت المقاومة الشعبية سلسلة اجتماعات مع الحكومة الشرعية في الرياض لمناقشة الوضع الميداني وكيفية حفظ الأمن بعد النصر، والخلاص مما تبقى في تعز من ترسانة عسكرية في المخا أقدم ميناء في اليمن والمنطقة المتحكمة بباب المندب أهم مضيق في المنطقة. ودعت المقاومة الأشقاء في الخليج إلى التدخل السريع بالطيران والسلاح البحري وامتداد السهم في منطقة تعز كونها مفتوحة ويوجد بها أسلحة ثقيلة وميليشيات متحصنة، رغم تحرير أكثر من 90 في المائة منها. وأوضح محمد الحميري المتحدث باسم المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط»، أن قوات التحالف وعلى رأسهم السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز كانت سببا رئيسيا في طرد الميليشيات الحوثية والعفاشية والانتصارات التي حققتها المقاومة في محافظة تعز، مناشدا إياهم بمزيد من الدعم والعون والسند في المجالات العسكرية والإغاثية والتنموية. وأرجع الحميري سر الانتصار إلى صمود المواطنين ودعم قوات التحالف ومواجهة الميليشيات الحوثية بأسلحة بسيطة، بعض منها من بقايا أسلحة العدو حين أسرهم، مؤكدا أن الانتصارات في تعز تختلف عن الانتصارات في عدن كليا لشح الإمكانات المتوافرة للمقاومة والدعم. ووصف المتحدث باسم المقاومة الشعبية في تعز الضربات بالقاصمة من الجيش المؤيد للشرعية وقوات المقاومة الشعبية، رغم الحصار الذي فرض على تعز بألوية عسكرية من كل الاتجاهات بمختلف الأسلحة الثقيلة، ووجود 200 دبابة من أحدث أنواع الدبابات، في الوقت الذي لم توجد في بقية المحافظات الأخرى عشر دبابات أو أقل، إضافة إلى نزول الميليشيات تباعا لقتل الأبرياء ودفنهم في مدافن جماعية. وذهب الحميري إلى أنه بعد الانتصارات التي حققتها المحافظة وخروجها من الحصار الذي فرض عليها، تحتاج تعز إلى إصلاح ما أفسد ودمر، فنقص الغذاء والدواء الحاد يحتاج إلى التفات من المنظمات الدولية، حيث يوجد أكثر من 10 آلاف مصاب بحمى الضنك بسبب انعدام المياه النظيفة الصالحة للشرب والدواء. وأكد المحدث باسم المقاومة، أن تعز هي أكثر مدينة في اليمن تعرضت للعنف والتجويع والانتقام من شعبها، لأنها هي التي خلعت علي عبد الله صالح من حكمه وزلزلت عرشه، مشيرا إلى أن تعز التي أيدت وأخرجت علي عبد الله صالح للحكم في سنة 1978، وهي أيضا من خلعته من حكمه في أول انطلاقة للثورة في 2011 من أراضيها، لذا أولاها اهتماما خاصا بالانتقام في محاولة منه لاستعادتها، لأن استعادتها تعني استعادة الوطن بأكمله. ولفت الحميري إلى أن تعز تمثل المعادل الموضوعي لنجاح الثورات اليمنية، وفي ظل الأوضاع الحالية، فإنه لا نصر من دون تعز، ومن يسيطر على تعز سيظل في رأس الأمر، فهي لعبت أدوارًا مهمة في التاريخ اليمني المعاصر إبان التحرر الوطني، فكانت قاعدة انطلاق كل الثورات الاجتماعية اليمنية سواء في الشمال أو الجنوب، وتاريخ الحركة الوطنية مليء بالشواهد، فهي الحاضنة لثورة 26 سبتمبر (أيلول) و14 أكتوبر (تشرين الأول). والمعروف أن تعز عاصمة الثقافة اليمنية كما أعلنت عنها الحكومة اليمنية في 2013. وهي قلب اليمن، فضلا عن أن طبيعة المقاومة وتركيبتها تختلف نسبيا عن بقية حالات المقاومة في أي محافظة في اليمن، على اعتبار أن دورها محوري رغم محاولة نظام علي عبد الله صالح تهميشها للعبث في مقدرات الشعب.