تعكس القرارات الخاصة بإبطال ترسية 26 مشروعا في وزارات مختلفة عمق الأزمة التي تتعلق بتعثر المشاريع في المملكة بداية من ضوابط الترسية وحتى الخلافات التي تعصف بالتنفيذ وتجعلها في مهب الريح لسنوات طويلة، والحقيقة أن الأسباب المتعلقة بإبطال الترسية تبدو منطقية وسبق التحذير منها مرارا وتكرارا، وهي عدم قدرة الشركات الفائزة على التنفيذ لعدم امتلاكها القدرات والإمكانات المالية والفنية اللازمة، فضلا عن ضعف قدرة القائمين على الجهات الحكومية في تحليل المشاريع والإشراف والرقابة، ولاشك أن هذه الأسباب وجيهة وتستدعي إعادة النظر بشكل كلي في نظام ترسية المشاريع حتى لايكون العرض الأقل ماليا هو صاحب فرصة الفوز بالمنافسة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تقديم عرضين لكل مشروع، الأول مالي بالتكلفة الإجمالية، والثاني فني لتحديد مواصفات التنفيذ والكميات وطرق الإنجاز، وهنا ينبغي أن تكون الجهة المشرفة على المشروع مستقلة عن الجهة المالكة، حتى نضمن جودة عالية وإشرافا أفضل، لقد ثبت طوال السنوات الماضية أن من أبرز المآخذ على المشاريع السعودية ضخامة التكاليف، مع ضعف الجودة في الإنجاز، وبدلا من أن تتوقف الجهة المشرفة على كل مرحلة في الإنجاز بدقة، يتم التغاضي في إحيان كثيرة عن مخالفات بادية للعيان، حتى يخرج المشروع للنور، ويفتتحه المسؤول الكبير، حتى لو ظهرت العيوب بعد الافتتاح مباشرة، أو حتى قبله.