أثار ظهور المطرب القدير بدر الحبيش في إذاعة Ufm ذكريات الماضي الجميل للأغنية في المنطقة الوسطى عندما كان أحد أهم النجوم في ثمانينيات القرن الماضي بأغنياته التي لازالت حاضرة في وجدان الجمهور. جاء اللقاء مشحوناً بالحنين لأيام خلت كان الفن فيها جميلاً وكان المبدعون يتنافسون فيما بينهم تنافساً شريفاً ارتقى بالأغنية في المنطقة الوسطى وجعلها في الصدارة إلى جانب الأغنية الحجازية العريقة، وكان الحبيش فيها يقف جنباً إلى جنب مع سلامة العبدالله وعبدالرحمن النخيلان وسعد جمعة وغيرهم، مبدعاً متألقاً ومدهشاً بألحانه، وبصوته العذب، رغم صغر سنه الذي كان يسمح له بالاستمرار أكثر لكنه ابتعد فجأة وغاب طويلاً تاركاً الساحة لأنصاف الموهوبين. تحدث بدر الحبيش في اللقاء عن اعتزاله قائلاً إنه ابتعد لمشكلة صحية تجعله يتعب أثناء الغناء "ولكل زمن رجال"، معلناً بأنه عاد مؤخراً من بوابة التلحين "ومن يريد أن يأخذ من ألحاني أو الأغاني التي قدمتها فله ما يريد بشرط أن يستأذن" وذلك في إيحاء منه إلى ما يعانيه نجوم الفن الشعبي من سطو على ألحانهم وأعمالهم في وضح النهار ودون استئذان من أي نوع، حيث شاعت في السنوات الأخيرة عمليات السطو من قبل ملحنين تعودوا استغلال تراث الأغنية والسطو على إبداعات النجوم القدامى ونسبتها إلى أنفسهم دون احترام للتاريخ ودون خوف من عقوبة على مخالفتهم حقوق النشر. تحدث الحبيش في اللقاء عن تاريخه وعلاقته مع الراحل بشير شنان وارتباطه بنادي الهلال لاعباً ثم غنائه لنادي النصر وغيرها من المحاور التي تبرز ثقافة الفنان ومعرفته، كما تحدث عن ألحانه الشهيرة التي قدمها لنجوم الأغنية مثل أغنية "تهددني" لنوال الكويتية التي أعادتها لمجدها، وأغنية "يا وحشنا" لأحلام، وأغنية "أحسن" التي قدمها مريسان –رحمه الله- في أغنية "أضحك" والتي ذكرها بدر الحبيش دون أن يسيء لمن سطا عليها ونسبها لنفسه، تاركاً مساحة كبيرة للصداقة والزمالة، ومعلقاً: "حزنت على بديع مسعود لأنه اعتمد على ألحان الغير متجاهلاً موهبته في التلحين". هذه الروح البسيطة المتسامحة المتصالحة مع الذات التي قدمها بدر الحبيش في اللقاء، إنما تترجم لماذا أبدع ذلك الجيل الذي ظهر مطلع الثمانينيات وانتشر بين الناس رغم الصعوبات وقلة الدعم، إن قيمة الحبيش ورفاقه استثنائية ومختلفة عن كل الأجيال التي سبقتهم والتي جاءت بعدهم، لأنهم واجهوا عقبات فكرية آيدلوجية وفنية لم يواجهها أي جيل آخر ظهر في المنطقة الوسطى. بدر الفنان كان نجماً وسط مجموعة من المطربين في نجد مثلوا الرحلة الثالثة للفن في نجد مؤسسين ألواناً جديدة، كان يقف مع المطرب سعد جمعة وعبدالرحمن النخيلان وسعد النخيلان ومزعل فرحان ونخبة من الشباب الذين حملوا الراية بنجاح بعد سالم الحويل والحمادي وسلامة العبدالله وحمد الطيار وبن سعيد والسلوم وبشير شنان، لينقلوا الغناء النجدي إلى آفاق أبعد بعدما كانت محاصرة في نطاق جغرافي ضيق. لم يظهر بدر الحبيش مؤخراً إلا بعد أن توارت عنه الأعين وابتعد عنه الإعلام، ليؤكد أنه اعتزل الغناء مكرهاً بأثر صحي محولاً ألحانه للفنانين كما حدث مع دنيا بطمة عندما جددت أغنية "كيف تهواني" واحتلت بها المرتبة الأولى على مستوى الأغنية، وكذلك التعاون مع وعد البحري في أغنيته الشهيرة "أنا لو سهرت الليل" وأيضاً المغربية قطر الندى عندما تعاونت معه في أغنية "الله عليك" ولاحقاً نايف النايف وإسماعيل مبارك. الحبيش صورة نموذجية لذلك الجيل الفني العظيم الذي ظهر قبل ثلاثة عقود ونصف ليثري الساحة بألوان موسيقية مذهلة وينافس الفنانين الكبار ويتجاوزونهم في المبيعات والانتشار، يقول بكل أسى: "إن جيلي عُزل وحوصر ونُبذ منذ سنوات لسبب لا أعرفه، ولا أريد أن أعرفه!.. كل شيء انتهي بالنسبة لي كمغني، وأصبحت ملحناً أقدم أعمالي لمن يشاء شريطة أن يقدمه بشكل يليق"، مؤكداً أن ما يقدم حالياً من أغان إنما هي أعمالهم التي قدموها وابتكروها منذ أكثر من ثلاثين سنة. من أغاني الحبيش كيف تهواني وتهوى شخص ثاني حبيب الروح حرام تروح أنا لو سهرت الليل رسمتك صورة كل شي غريب المرثية تقول أبعد ارحلي بسكات