مسيرة سعدون حمود أو (الشبح) كما يحلو لمحبيه تسميته بذلك، المهاجم الفذ الذي انطلق من حاضرة الدمام عبر ناديه الاتفاق وهو في سن الـ16، لم يستسلم للظروف أبدا، وانطلق بثقة كبيرة ليحجز مكانه بين عمالقة الذهب، حتى تنبأ له عميد المدربين الوطنيين خليل الزياني بمستقبل واعد، ليحول حلمه إلى واقع. خدم فريقه ومنتخب بلاده طيلة عشرين عاما، حقق خلالها العديد من الألقاب، والإنجازات.. ما لبث أن ترجل عن عشقه بعد معاناة مع الإصابة، ليمتهن تجارة صيد الأسماك، بعد أن كان قد أمضى فترة قصيرة في عالم التدريب. كان ضيفنا في هذا الحوار ، فإلى التفاصيل: • أين أنت بعد أن هجرت الكرة؟ وكيف تقضي بقية حياتك؟ • مازلت مرتبطا بالوسط الرياضي، وأتابع الأخبار الرياضية بشكل جيد، لكني الآن أمارس هوايتي المحببة وهي التجارة في صيد الأسماك، والتي تعلقت بها منذ أن كنت لاعبا، ولله الحمد وفقت فيها. أما بعض الزملاء قد لا أراهم كثيرا بحكم ارتباطي الوثيق في تجارتي والتي تتطلب مني التنقل باستمرار بين المملكة ودول الخليج. لاشك أنني أخصص وقتا لممارسة المشي من أجل الحفاظ على صحتي، وأحيانا تتم دعوتي للمشاركة في المناسبات الرمضانية خصوصا في نادي الاتفاق. • خضت تجربة التدريب بعد الاعتزال، لكنك لم تستمر طويلا؟ • أود أن أشكر إداري الناشئين السابق نبيل الفضل، وكذلك رئيس هيئة أعضاء الشرف عبدالرحمن الراشد، والمشرف السابق على الفئات السنية وعضو الشرف سعود العطيشان الذين وقفوا معي بعد الاعتزال، وأنصفوني، ولا أنسى المدرب التشيكي السابق لدرجة الشباب ريتشارد الذي طلب مني العمل بالنادي للاستفادة من تاريخي الكروي وخبرتي في الملاعب. لقد بدأت العمل الفني في الناشئين، ثم اختارني المدرب الوطني فيصل البدين للعمل معه في درجة الشباب بدلا من عبدالله صالح، ومكثت موسمين حققنا خلالها بطولة المملكة، واستطعنا تخريج صفوة من اللاعبين في تلك الفترة والتي انتقلت فيما بعد للفريق الأولمبي ليحققوا كأس الأمير فيصل بن فهد في نسخته الجديدة موسمين متتاليين، أمثال سياف البيشي، وصالح بشير، وحسين النجعي، وإبراهيم المغنم، وظافر البيشي، ووليد الرجاء وآخرين، ولكن مع الأسف أن إدارة النادي لم تنصفني، وكانت تريد مني أن أعمل بـ «المجان»، لذلك لم أكمل المشوار، ويكفيني فخرا أنني اكتشفت مع البدين جيلا جديدا أعاد شيئا من منجزات النادي. . • هل ابتعدت بنفسك أم أبعدوك؟ • ابتعدت بنفسي ولم يبعدوني، فهم لم يهتموا بي، وللمعلومية لقد طلبوا مني أن أحضر إلى النادي وأدرب المهاجمين، وقد رفضت ذلك. حتى لو أعطوني 15 ألفا أو 20 أو 30 لن أعمل معهم، لسبب بسيط، وهو لأنهم لم يقدروني في البداية. أتذكر حينما كان مدير المنتخب الحالي زكي الصالح مديرا على الفريق الأول بالنادي قبل أكثر من موسم أخذوا رأيه فيّ من باب الاستشارة عندما أتوا بلاعب أجنبي وطلبوا مني أن أقيمه، وبدافع حبي للنادي أتيت، قلت كم تريدون نسبة تقييمي له، وأكدت لهم أنه لو سجل في الدوري هدفا خذوا مني ما تريدون، وأنه في الانتقالات الشتوية سيغادر، وبالفعل صادق اللاعب على كلامي، فهل هذا «سحر»؟ أبدا، العملية قائمة على مبدأ من الفهم، والوعي، والإلمام بكرة القدم. • تردد في الآونة الأخيرة خبر استقالة عبدالعزيز الدوسري من منصبه، هل أنت مع أو ضد القرار؟ • للأمانة، لا أتمنى رحيله، لأن فيه الخير والبركة، ويؤسفني حقيقة ما ذكره أحد الإعلاميين -لا أود ذكر اسمه- تجاه الرئيس، وأنه استكثر بقاءه على كرسي الرئاسة لأكثر من 30 أو 40 سنة، وطالبه بفتح المجال لغيره. إن شاء الله لو يجلس الدوسري بالرئاسة 100 سنة، فأين المشكلة؟!.. أندية كبيرة تملك القوة المالية هي أيضا تعاني، فما بالك بناد «فقير» ماديا مثل الاتفاق؟ أنا لا أدافع عن الرئيس، ويكفي أنه شخص محترم، و «مؤدب»، وغيور على ناديه، ولايخطئ على أحد، وحتى لو شاهدته في أي مكان تحترمه، وتقدره، ولكن حبنا له فرض علينا ذلك بعيدا عن المناصب، وفي نهاية الأمر يبقى الاتفاق الكيان ثابتا سواء بقي الدوسري أو رحل. • هل استفدت من الاحتراف؟ • أنا أتيت إلى النادي لكي أخدمه ككيان، وأوصل عن طريقه للمنتخب. تخيل أن النادي لم يهدني كأس «شاي»!!.. اسأل الرئيس، هل جاءك سعدون يوما وطرق بابك وطلب منك خمسة ريالات؟.. كان لدي هدف، وهو أن أعمل، وأنتج ثم أحصل على المال. لابد أن يكون بيدك سلاح قوي في عالم الكرة لكي تنتصر، مثل الحرب تماما. يا أخي، في السابق كنا نملك حذاءين في الحقيبة، بينما ربما تجد اللاعب في وقتنا الحالي يملك واحدة فقط، ولنفرض أنها تعرضت للتلف، فمن أين سيأتي ببديل؟! هل سيلبس حذاء لاعب آخر؟ تصدق؟ أنني لا أرضى لأي شخص أن يلبس حذائي!! الاحتراف يدار بالفكر، والمنطق، والعقل، وليس بالمال. أذكر أن شخصا سألني ذات مرة في النادي، بأن أعضاء الشرف لايقصرون معي، ويعطوني مالا، فقلت له: نعم، لأني أضع الكرة في الشبك، فاحمر وجهه خجلا وسكت. يا عزيزي، لاعب لايتجاوز عمره 16 عاما يأتي اليوم وهو يشرب «السيجارة» ولايبالي بصحته، ولايحترم أحدا..!! أنا وصلت سن الخمسين ولم أضع السيجارة في فمي، لأنني أستحي من فلان، وفلان. باختصار، الاحتراف عندنا «مش حالك»!. • هل للمجاملات نصيب في حياتك؟ • أنا شخص حازم، وليس للمجاملات مكان في حياتي، حتى لو أتاني رئيس النادي، وطلب مني أن أغلق الباب، فسأقول له: اغلقه بنفسك. أنا لا أخشى أحدا من البشر، ورزقي على الله، وفي نفس الوقت لا أميل إلى أن أغضب أحدا. • أصبت بقطع في الكاحل في مباراة ضد النصر بملعب الراكة، والتي غيرت مجرى حياتك. حدثنا عنها؟ • أصبت في البداية بتمزق في الكاحل عند مشاركتي مع المنتخب أمام كوريا الجنوبية، ثم تعرضت للقطع في مباراة النصر بعد تسجيلي هدفين في تلك المباراة، عقب ذلك أجريت عملية جراحية في سويسرا كانت نسبتها لاتتعدى 10% وبعد شفائي منها عدت لممارسة الكرة، ثم أصبت في فقرات الظهر وكان عمري حينها 35 عاما. الحمد لله أنني شاركت الاتفاق مع أربعة أجيال حيث بدأت وعمري 16 عاما في جيل سلمان حمدان، وعلي بكر، ثم شاركت مع جيل الذهب وعمري 19 عاما، ثم لعبت مع جيل درويش البلوشي، وعبدالله عبدالله، وأحمد خليل، وجمال الرويشد في بداية التسعينات، وأخيرا مع جيل علي الشهري، وسعد الشهري. • موقف أثر في حياتك؟ • بعد أن أصبت في آخر مراحل حياتي مع الكرة، تعرضت لهجوم قاس من قبل بعض أعضاء الشرف والجماهير في النادي، إذ كانوا يشككون في إصابتي.. للأسف في أحد الأيام وبينما كنت أكشف الغطاء عن العملية كانوا يحاولون الاقتراب مني ليشاهدوا قدمي، ويتأكدوا هل أجريت العملية أم لا؟! لأن الفريق في تلك السنة كان يتلقى هزائم ونتائج مخيبة، فكانوا يريدون مني أن ألعب، ويظنونني أتحجج بهذه الإصابة، حتى إن مدرب اللياقة البرازيلي (روبسون) والذي وافته المنية بعد ذلك كان يهاتف زكي الصالح ويسأل عني، وأكد أنه سيحضر من البرازيل من أجلي، ولما أتى ورآني، وتأكد من إصابتي، استغرب الهجوم علي، وأكد أن هؤلاء لايفهمون شيئا.