لا يماري أحد في أن الولايات المتحدة هي القوة الأعظم في العالم، كما يعرف الجميع أنها ازدادت قوة وجبروتًا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وإشراف الحرب الباردة على نهايتها مع وجود بؤر للصراع هنا وهناك، وقد تكون منطقة الشرق الأوسط هي من أهم بؤر الصراع هذه، للموقع الجغرافي الذي تتمتع فيه، وللثروات الهائلة المكتشفة حتى الآن وغير المكتشفة. ولا أحد يجهل الدور الذي لعبه البعض من قادة الشيعة في إيران والعراق خاصة، حين سهلوا بل وتعاونوا مع «الشيطان الأكبر» من أجل الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين، والسيطرة على العراق تحت مسمى طائفي بغيض - أكثرية شيعية، وأقلية سنية - واستبعاد الإخوة الأكراد بهذا الشكل. وكذلك لا يجهل أحد دور هؤلاء في تسهيل دخول الجيوش الأميركية إلى كل من العراق وأفغانستان، لضرب الأكثرية السنية تحت مسمى «الإرهاب»، ومن هذا الدور الذي لعبه مركز ولاية الفقيه وأعوانهم، الفتاوى المتعددة بعدم جواز قتال الأميركيين الذين قدموا لتحرير «الشيعة»، من المجرم صدام حسين. لا شك أن قوى التحرر في عالمنا كانت تقف ضد ممارسات صدام حسين، ولكن أن يعمد الجنود الأميركيون لوضع علم بلادهم فوق تمثال صدام حسين، هو أمر كان في غاية الهوان ودلالته أكبر مما وقع فعليا. وددت من وضع هذه الصورة أمام القارئ حتى أذكر الجميع بمواقف الإدارة الأميركية، بدءًا من خلق الكيان الصهيوني في فلسطين، ودعم هذا الكيان الذي قام على الإرهاب، وليس عنا ببعيد حين وافقت عصابة الإجرام في دمشق، بوساطة روسية على تسليم الأسلحة الكيماوية، كيف انفرجت أسارير باراك أوباما مصرحًا بأن - إسرائيل أضحت أكثر أمانًا – واستمر المجرم بشار الأسد في استعمال أنواع من الأسلحة الكيماوية، والأسلحة المحرمة دوليًا، يقتل بها الشعب الذي ينتمي إليه، إلا أن الإدارة الأميركية لم يرف لها جفن، لا بل الأنكى من ذلك، وفي الكثير من تصريحات هذه الإدارة، ترى ضرورة التعاون مع طهران التي أضحت بفضل ذلك تسيطر على مفاصل السلطة في دمشق، وهي فعلاً من يدير دفة الحكم عسكريًا وسياسيًا، وتسعى إيران بكل طاقتها، وفي سباق مع الزمن لتفرض تغييرًا ديموغرافيًا في سوريا وخاصة في دمشق. من جهة أخرى يجري التفاهم حول الكثير من هذه المشكلات مع روسيا، الشريك الثاني لنظام الإجرام في دمشق، لتقاسم سوريا بين الصفويين والروس، كل ذلك يجري أمام أعين الولايات المتحدة، إذا لم نقل بمباركتها. أود أن أقول: إن جل مآسينا، واضطراب أوضاعنا، يأتي من السيد الأميركي الذي همّه الوحيد الحفاظ على أمن إسرائيل، ومصالح «التروستات» الكبرى التي تتحكم في القرار الأميركي، أما أن يرتكب كائن من كان من الأنظمة أبشع الجرائم وأخسها، فهو لا يحرك للسيد الأميركي أي ضمير. فإذا كانت هذه هي الصورة، وأعتقد أنني أصبت كبد الحقيقة فيما وضعت من كلمات أمام القارئ، فلماذا نسعى للقاء الإدارة الأميركية، أوباما أو كيري، ونحن على يقين أن هذه الإدارة، إذا لم تكن قد باعتنا للإيرانيين والروس حتى الآن، فهي على استعداد لأن تفعل ذلك، أو أنها في الطريق إلى ذلك، ولكن أليس علينا أن لا نلدغ من الجحر مرتين؟! أود أن أقول: إن ضعفنا وتفككنا، هما اللذان ساقانا وراء السراب الأميركي، وسنظل نلهث وراءه إلى أن نحقق ذاتنا. * عضو الائتلاف السوري المعارض