×
محافظة المنطقة الشرقية

ركوب الخيل يستهوي الشباب والأطفال في متنزه الأحساء

صورة الخبر

كم كان الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله- إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف في صلاة الاستسقاء وغير صلاة الاستسقاء يكثر من دعاء: اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب. وذات ليلة، في بداية أيام الشتاء، استيقظ أهل المدينة على أصوات زخات المطر وهي تطرق مسامعهم بقوة، وأتذكر أني استيقظت وأبناء جيراني من هم في سني ومن هم أكبر أو أصغر مني، ولد الخاشقجي وولد المسند، وولد أبوسيف وولد الوقيصي، وولد التركي وولد المهندس وولد المدني.. وجميع من في حارتنا في حوش القشاشي وحوش خميس، استيقظنا وكلنا ابتهاج بنزول المطر يتفقد كل واحد منّا بيته، ونطمئن على بعضنا، لم يكن المطر يجيء فجأة، بل السماء لها أيام مغيمة، وفي عصر يوم ما قبل المطر على وجه التحديد، شممنا رائحة المطر وتعرّفنا على ملامح وجهه، وهو يركض في السماء سحابا ممتلئ يغازلنا ببريقه ويغمز لنا ببرقه، ويذكر ربه مسبّحًا بصوت رعده (ويسبح الرعد بحمده)، يدعونا لقربه وملاطفته وحبه، لكننا ما التفتنا إليه ونسينا أمره ونسينا طلبه وحبه، وبعد المغرب استعطفنا بقطرات خفيفة من دموعه على شكل هتان ليستميل قلبنا لعلنا ننتبه له، لكننا ما التفتنا إليه، حتى إذا نام الناس وخمدت الأرواح وسكن الليل وأسدل ستاره وأغمض عينيه ونام، أراد السحاب أن يعبر لنا عن حبه وعشقه لنا فبكى بشدة وانهمرت دموعه مطرًا يطرق الأبواب ويوقظ الأنام، ليحسس الناس به وبما في قلبه من صبابة وحب.. فرحنا به وعانقناه وسهرنا معه في تلك الليلة، يهدأ قليلا ثم يعاود البكاء والبث والهطول، نغتنم نحن هدوءه ونصلح حالنا وأوضاعنا خاصة «بالوعة» الحارة التي انطمر بداخلها الطين بسببه فقفلها، فشمر مجموعة من رجال الحي رافعين ثيابهم وملابسهم إلى أعلى ليخوضوا الدخول إلى حيث انسداد تلك البالوعة ليفتحوها، ترانا جميعا نسير حافون القدم، ما أجمل ذلك الزمن، تبتل الملابس بماء المطر وتبتهج النفوس به وتزدان ونفرح من داخلنا فإذا أصبحنا أصبحت القلوب فرحة جزلة والشمس يومها تنام ناسية الدوام فلا أثر لها، والجو بارد ونتبادل التهاني بقولنا لبعضنا: «آنستكم الرحمة». في عصر يوم المطر تعود الحياة إلى وادي عروة (العقيق) وبحيرة «العاقول» من جديد، حيث كادا أن يموتا من قلة المطر، وعندما تعود إليهما الحياة يفردا ذراعيهما ويفرشا بساطهما على جانبيهما قائلين: مرحبًا بأهل المدينة الذين خرجوا لزيارتهما، وإهداء الزهور لهما بمناسبة عافيتهما وحيويتهما، لأن المدينة يوم المطر وجريان السيل يصبح جوها «غير»، غير في نسماتها وغير في أنفاسها وغير حتى في طعامها، حيث العدس يعمل خصيصًا ليوم الذهاب إلى سيل عروة وبحيرة العاقول، فالكل يحضر ذلك المشهد بشتى أنواع المواصلات، سيارات الإنيسة وخط البلدة والدراجات العادية والنارية حتى عربات الخيول، والباعة المتجولون يكثرون في ذلك اليوم، كل حامل بضاعته وينادي: ترمس وفول والنافع الله، وهناك البليلة، وهناك حلاوة غزل البنات والفشار والمنفوش والبسبوسة، وما هي إلا أيام حتى يكسو وجه المدينة وضواحيها وجبالها النبات، وتتحول أرجائها إلى بساط أخضر تتشكل فيه بعض ألوان الزهور من نبات الحميض وغيره، ويعم عبق الحياة وخير المطر كل نواحي الحياة، ونردد أننا مطرنا بفضل الله ورحمته، وكنا إذا خفنا من خطر المطر عندما تشتد زخاته نلجأ إلى الله وندعو: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام ومنابت الأشجار. Prof.skarim@gmail.com