لم تكن الفعاليات الثقافية الخاصة بسوق عكاظ محصورة في الخيمة أو المسرح أو الجادة، بل امتدت لتشمل حافلات نقل الضيوف من وإلى السوق، والتي تحولت إلى صوالين ثقافية يقيم فيها المثقفون فعاليات أخرى موازية، منها النقدية والشعرية والسردية لقصص بعض الروايات، إضافة إلى مناقشة ما يهم السوق أو المواضيع الثقافية بصورة عامة، ما يحول الطريق إلى عكاظ إلى منتدى متنقل. ورغم طول المسافة بين مقر إقامة الضيوف وبين السوق، إلا أن هذه المسافة كانت إيجابية جعلت الجميع يتفاعلون مع تلك الفعاليات القصيرة التي لا يلحقها مقص رقيب أو حسيب. الدكتور الناقد عالي سرحان القرشي أخذ على عاتقه تنفيذ هذه الفعاليات داخل الباص الذي ينقل الضيوف، فهو ينظمها ويربط ما بينها بروابط ثقافية وأدبية تناسب الموقف أو الحادثة، وأخذ في إدارة الفعاليات التي يشارك فيها الضيوف من شعراء وشاعرات إما لإلقاء الشعر أو تبيان رؤية نقدية معينة. وشاركت في هذا اللقاءات الشاعرة الدكتوره هند المطيري، وألقت قصيدة "امرأة من كلمات" كان منها: يا امرأة من وهمِ الحرفِ ومن تهويمِ التخييلاتْ هل تقبلُ زوجته قَدرا يجعلها تسكنُ نصفَ القلبِ وكانتْ تمتلكُ النبضاتْ؟! يا امرأةً من وهمِ الكلماتِ أفيقي للعمرِ المقبلِ أو موتي لا عمرَ لأنصافِ الميتاتْ.. إمّا أنْ تقبلَ زوجته أو ترحلَ أشباحُكِ أنتِ بالذاتْ وكذلك شاركت الشاعرة دلال المالكي بقصيدة تحدثت عن بجيلة بني مالك ودورها في التراث والثقافة، وأنها فصيحة اللسان، كما ألقت الشاعرة السودانية إيمان آدم، وعفراء خوجلي بعض قصائدهما، وكذلك مناهل العساف، وشارك شاعر عكاظ العراقي هزبر محمود بنص غزلي قال فيه: لابد من عصف ببعض الذاكرة لأحيك الأنثى وليس الشاعرة لابد أن أحيا لسانك صامتا كي أحكم الشفتين حكم قياصرة لا بد من بعض الجنون الهتلري حبيبتي لأقود حربا خاسرة وكذلك مشاركة أخرى لشاعر شباب عكاظ حسن طواشي، والشاعر عبدالله الفيلكاوي، والذي أكمل النص الشعري الذي لم يستطع إكماله داخل خيمة الفعاليات أثناء دوره في الأمسية الشعرية الثانية بسوق عكاظ قال فيه: أدر كأس المدام لنا دهاقا ودف عذب الرباب تقف مذاقا متوّجة الكؤوس بوسم ثغر كحمر شقائق النعمان راقا أناكسة ليأس أم ركوع للوعة عاشق شكا الفراق وحي الطرافة وتناول الدكتور عبدالله العسيلان وحي الطرافة في شعر الخطراوي كرؤية له بعد المحاضرة، وشارك الدكتور حاتم التهامي في بعض الرؤى النقدية لبعض القضايا، ومنها أن يكون إشعاع عكاظ متنقلاً بين الدول العربية على مدار السنة في البلدان العربية والإسلامية، وهذا يعطي إشعاعا للمملكة، ومنها تطوير للسوق بحيث يكون في مصر، والجزائر، والمغرب وغيرها، ورعاية المبدعين لأنهم بحاجة إلى من يكلؤهم، ويصحب هذا التنقل كوكبة من الشعراء المبدعين سواء أكانوا سعوديين أم غيرهم، وأشار إلى أن المستقبل لن يصنعه إلا المبدعون والشعراء والأكاديميون، وكذلك لن نحقق الأمن ولن نقلم أظافر الإرهاب والعنف إلا بالثقافة، فهي كفيلة بأن تعلمنا المرونة، والعيش المشترك وتعلمنا مفهوم الوطنية الذي لا يحس به شبابنا، فالمراس هو الذي يعلمهم ويصنعهم في سبيل تطور دولهم.