×
محافظة مكة المكرمة

لوحات وطنية لفرق الفنون الشعبية

صورة الخبر

ارتفعت مؤخرا بعض الأصوات المحلية مطالبة بالاهتمام بالفنون وزيادة منافذها في البلاد، حيث يرى هؤلاء المحملون بهمّ الوطن أننا بالفن نستطيع أن نقضي على الفكر المتطرف، فالفن قيمة إنسانية سامية تعلم الفرد التسامح وتحثه ببصيرة على قبول الاختلاف، كلام جميل يحمل الفرد على التساؤل ما هو الفن الذي يجعل المتطرف يتحول إلى إنسان وديع في طبعه وسلوكه.. الفن كلمة ملتبسة المعاني وتحمل مفارقات عجيبة في استخدامها، فيراه البعض عملا محتقرا ويراه البعض عكس ذلك، وإذا أردنا أن نعرف تأثير الفن الحقيقي على حياة الناس لا بد من معرفة قيمته عند الناس، وأفضل مثال لمعرفة قيمة الفن في المجتمع لننظر لموقف الناس من حالة فنان معتزل هل يباركون له الاعتزال ويعتبرونه توبة له من عمل منكر، أم يرون في الاعتزال خسارة كبيرة للمجتمع، لا نرجح هذا الموقف على ذاك، ولكن نشير لموضوع الفن الجدلي الذي يتراوح بين الحلال والحرام والفساد والنبل، وإن كان الغالب في المجتمع يرى الفن في بعض أشكاله وموضوعاته عملا يتعارض مع الدين، ويقدم الذين يذهبون في هذا الاتجاه نماذج عديدة تثبت تحريمه، فتقديم الفن في هذه الظروف كعمل مخلص من التطرف يدعم اتجاهاً ضد اتجاه، وقد يفسر بأن مرحلة محاربة التدين قد بدأت عندما يدعم الفن كبديل عن الدين المتطرف. فالفن موجود وحاضر ومشاهد ولم تقفل نوافذه حتى تصبح المطالبة بحضوره شيئا يبحث عن وجود لعمل غائب، وهنا يصبح السؤال: لماذا عجز الفن عند تقديم شكل راق ومحترم لقضايا المجتمع ومن ضمنها تطرف الشباب؟ هل لأن المجتمع يرى تحريمه، أم أن القائمين عليه قدموا نماذج تخالف قيمته السامية جعل الشباب تبتعد عنه للحفاظ على بعض قناعاتها المرشده لطريق الصواب؟ فالفن الذي يستفز الناس في تربيتهم وعقائدهم من الطبيعي أن يقفوا منه موقف الخصم، فقبل المطالبة بتشجيع الشباب على المشاركة في الأعمال الفنية علينا أن نعالج انحرافات الفن وسخافاته التي تنفر الجمهور منه وتحقر العاملين فيه.. ومن الخطأ التربوي الكبير أن نجعل الفن بديلا عن التدين أو أنه دواء نافع للتطرف، فالفن تجربة إنسانية وإبداع مخلوق، والدين وحي إلهي وإبداع خالق، فلا وجه للمقارنة أو المنافسة أو إصلاح هذا بهذا، فالتشدد والتطرف يشبهان السخافات في الفن ولا يشبهان الدين الصحيح، فالعقل السليم لا يسمح بالاقتراب من الدين إلا بدين، وهذه فطرة وشرع، قد يعالج الفن انحرافات المجتمع إن أحسن صنعه، أما أن تم العبث به فمضرته لا تختلف كثيرا عن مضرة الفكر المتطرف، فالدين حالة تستوعب الفن والمجتمع والحياة، ولكن لا يوجد شيء آخر يمكن أن يستوعب الدين. لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net