يشرح البلجيكي الشهير جيرتس مدرب الهلال الأسبق، الذي يترك بصمة في أي مكان شغله، فلسفته التدريبية قائلا: كرة القدم تعتمد على هدفين، ألا يصاب مرمى فريقك بهدف، وأن تسجل هدفا في مرمى خصمك، ويتابع في حديث ودي: تختلف فلسفة المدربين تجاه ذلك، بعضهم يقدم واحدة على الأخرى، وتقوده في ذلك إمكانات فريقه. قلت له: مع مرسيليا كنت تمسك العصا من النصف، ومع الهلال كنت تسعى دائما للتسجيل أولا، فيما أنت مع لخويا القطري تمنع الآخرين أولا من التسجيل في مرماك وتصبح الأولى مرحلة ثانية. ابتسم حتى ارتسمت تلك الأخاديد الجذابة تحت جفنيه وفي وجنتيه، وضاقت عيناه، استنشق هواء وشبّك أصابعه ثم قال: لا يمكن لأي مدرب أن يتعامل مع القاعدة السابقة كنموذج ثابت يطبقه أينما حل، قدرات فريقك الهجومية والنفسية والتاريخية توجب على المدرب أن يقدم واحدة على الأخرى وفق مقتضى الحال، مع مرسيليا فعلت الأمرين معا لأن الخصوم بعضهم أقوى مني وبعضهم أقل، كنت في كل مرة أقدّم واحدة على أخرى، مع الهلال كنت الأقوى دائما، ومع لخويا العكس تماما، لذلك كانت الغاية تحدد الهدف الأول دائما، ورغم هذا قد تعيد ترتيب الأهداف في المباريات نفسها وفق المعطيات، وواصل حديثه: هذا أيضا يجب ألا يؤثر على الاستراتيجية العامة، ويجب أن يرافقه استيعاب كامل من المدرب لقدرات فريقه وإمكاناته الهجومية والدفاعية التي تحدد أي المسارين يجب أن يكون أولا. .. في العام 1994، جاء الفرنسي جان فرنانديز لقيادة النصر الفنية، والفريق يخرج قبله من أسوأ مواسمه على الإطلاق، أسرف يومها الفرنسي ذو الملامح الطفولية في نسج خطط دفاعية محكمة، أنهت أغلب مبارياته بالتعادل. وصاح الصائحون: هذا ليس النصر، وهذا الفرنسي يعبث بنا. كان جوابه دائما جواب الواثق من عمله وقراءاته ونفسه: جئت إلى فريق جريح يترنح، يحتاج ألا يخسر أولا وبعد ذلك لكل حادث حديث. نجحت فلسفة فرنانديز وخطف بطولة الدوري في نهاية الموسم بعروض متوازنة بين الدفاع والهجوم. الإسباني لوبيز كارو مدرب منتخبنا الوطني، عبر تصفيات آسيا بالصدارة من أمام فريقين قويين، لم تكن عروضه مقنعة أبدا لمحبي الأخضر، وكانت قراراته دائما محل تشكيك ونقاش تتعالى حولها الأصوات، لكنه فاز في النهاية عندما أجاد في تحديد أهدافه بدقة، وليس بالضرورة أن يستمر على الفلسفة نفسها في المرحلة المقبلة، فلكل مرحلة أهدافها وخططها وتطلعاتها الخاصة. بعد مباراة الصين الأخيرة، قال أحمد عيد، الرجل الهادئ الوقور الذي لا يرفض لأحد طلبا من فرط أدبه: إن مجلس اتحاد الكرة السعودي، سيجتمع لمناقشة تقارير إدارة المنتخب وتقييم المرحلة الماضية. ويأتي حديث رئيس الاتحاد السعودي ملامسا رغبات الشارع الرياضي، المنقسم بين استمرار لوبيز حتى النهائيات المقبلة بعد 14 شهرا في أستراليا، واستبداله بآخر ذي صيت واسم يوازي تاريخ الأخضر واسمه. قد لا يعجب الكثيرون أخضر لوبيز، لكن الرجل عبر بفرقته وخططه وفلسفته إلى أستراليا 2015، وبكل جدارة. من العدل أن نقول إنه نجح، حتى وإن لم يعجبنا، نريد أن نفوز، ها هو يفوز، نريد أن يعود الأخضر الممتع، قل للزمان ارجع يا زمان، فلكل زمان رجاله وخططهم وغاياتهم.