في العام استقال المهندسان جان كوم وبريان أكتون من شركة ياهو، وذهبا في نزهة إلى جنوب الولايات المتحدة، وخلال تواجدهما هناك تقدما للعمل في شركة فيسبوك ولحسن الحظ لم تقبل الشركة توظيفهما. بعد عامين أطلقت أبل هاتف آيفون وهو ما آثار انتباه المهندسين، فحرصا على استثمار ما لديهما من أموال في إعداد تطبيق بشكل مميز، ومن ثم اقترضا مبلغ مليونين ونصف المليون عبر صندوق للتمويل الجريء نظرا لما يشاهدونه من إمكانية نجاح التطبيق والزيادة المستمرة في عدد مستخدمي التطبيق، وبطبيعة الحال كان التطبيق يعاني من معوقات تقنية وتمت معالجتها، وبعد أعوام محدودة أعلن عن صفقة شراء التطبيق بمبلغ مليار دولار وبلغ عدد مستخدمي التطبيق مليون مستخدم. القصة السابقة هي قصة مؤسسي تطبيق واتس آب الشهير الذي نقل أحد ملاكه السابقين من فقير مهاجر عاش على المعونات الحكومية وعمل في بداية حياته كحارس أمن إلى ثري وهو دون العقد الرابع من حياته. ريادة الأعمال هي نقطة التحول القادمة في مسيرة العالم، وجميعها تبدأ بأفكار صغيرة ومن ثم يتم تنميتها تدريجياً، فقصة نجاح واتس أب ليست ببعيدة عن قصة نجاح تطبيق أوبر لخدمات التاكسي الذي وصلت قيمته إلى مليار دولار، وكذلك بحث الدكتوراه الذي تحول إلى شركة جوجل، وموقع تواصل طلاب هارفارد والذي بات بعد ذلك شبكة التواصل الاجتماعية فيسبوك، والقاسم المشترك الوحيد بينهما هو الإبداع. إذن لابد أن نتساءل اليوم عن نصيبا من إمبراطوريات المستقبل لاسيما وأن العقول الواعدة متوفرة وهو ما لفت انتباه الجميع خلال الندوة التي نظمها سوق عكاظ مشكوراً الأسبوع الماضي بحضور سمو الأمير خالد الفيصل. ويبقى السؤال الأهم الآن: كيف يمكن تغيير ثقافة "الأمان الوظيفي" التي دمرت وعي الأجيال لتكون لدينا قصص مشابهة لقصص رواد الأعمال في الصين والهند وغيرها من دول العالم والتي إما أن تحولت إلى شركات عملاقة مولدة لعشرات الآلاف من فرص العمل أو مصدر لثراء الأجيال عبر الاستحواذ عليها لتكون ريادة الأعمال عنواناً لمرحلة قادمة في مسيرة تنميتنا الوطنية.