يستبيح الشيخ كل المحرمات، عند الهروب، والمحرمات عند التكفيريين مؤقتة وتصبح حلالاً في حالات أخرى، فيحلق ذقنه، ويجري تعديلات على شكله الخارجي، ويرمي جلبابه الأبيض الطويل، ويحاول الفرار بجواز سفر مزور، والنية مدينة سياحية عربية، يموج فيها البحر والسياح. حلق ذقنه، عند الهروب، مثل رفيقه الفنان فضل شاكر، الذي شاركه في وقت سابق كل جرائمه، لكنه أيضاً تنصل منها فجأة، وخرج علينا دون ذقن، متبرئاً من كل هذه الجرائم المنسوبة إليه. الأسير كان يقطن في فيلا فاخرة تحت حراسة أمنية مشددة، بمنطقة عبرا، في صيدا جنوب لبنان، ويحيط به مئات المريدين والمقاتلين الأشداء ممن يرتدون ملابس بيضاء، ويقفون على خط النار حماية للأسير من خصومه، في تلك المنطقة، فحماية الأسير تطهر وثواب، لكنه يغدرهم فجأة، ويتركهم أسارى دون قيادة، لمصيرهم. تزوير ربما اغلبهم كان سيظن أن القائد في عملية سرية في لبنان، لا على شاطئ البحر الأحمر، متشمساً ومكتسباً لوناً جديداً بعيداً عمن يحاربون الإرهاب. وشى بالأسير مزور الجوازات الذي طلب منه الأسير تزوير جواز سفر له من اجل الهروب إلى مصر، وفقاً لرواية متداولة، وفي رواية أخرى أن المزور كان في الأساس متعاوناً مع السلطات اللبنانية فأبلغها عن الطير الذي وقع في المصيدة، بعد طول انتظار. فتنة لبنان كله يصحو على خبر إلقاء القبض على إرهابي كبير استهدف الجيش اللبناني، واشعل حربا مذهبية في لبنان، وقد بات الرجل اليوم اسما على مسمى، فورث اسم العائلة واللقب، عن جداره، وفي عنق الرجل دم وشهداء وجرحى استباح حياتهم بعناوين تكفيرية. الأسير متزوج من امرأتين ولديه ثلاثة ابناء ومن هواياته ركوب الدراجات النارية، ولعب كرة القدم الشاطئية، وتضاف إلى هواياته اليوم، هواية التجميل والتعديل لشكله الخارجي، فوق هواية الهروب من الميدان نحو موقع آخر، ولعل المفارقة ان اكثر الغاضبين لسقوط الأسير نسوة أنصاره اللواتي خرجن في تظاهرة غاضبة في لبنان، يوم امس احتجاجا على أسره. تتكاثر الاسئلة حول الذي سيفعله سلفيو لبنان، لاحقاً، من انصار الرجل، واذا ما كانوا سيصعدّون ارهابهم، ام سيحاولون الاختفاء على ذات سنة كبيرهم الذي علمهم سحر الارهاب وفنونه، غير ان الأرجح ان فضيحة الهروب بحد ذاتها، ضربة للتكفيريين الذين لا يفترض ان تفر قياداتهم من مواقعها الى مواقع اخرى، مثل شرم الشيخ. تكفير اثار الأسير الذي يحمل هذا الاسم لكون احد اجداده كان اسيراً عند الفرنسيين، ردود فعل واسعة غاضبة في لبنان، اثر مفرداته التكفيرية الإرهابية، واثر اعتداء جماعته المتطرفة على الدولة اللبنانية والجيش اللبناني. ومثله مثل حال كثرة من قيادات الإرهاب، في العالم، يجدون المال والجوازات المزورة، للهروب، بحثا عن ملاذات جديدة، ويتركون خلفهم مجموعات فقيرة لا تجد قوت يومها وتؤمن أن الأسير في مهمة جهادية، وسيضطر للاختفاء لسنين حتى تنتهي. لبنان يبدو أمام معركة كبيرة في فنجان صغير، لأن صاعقة القاء القبض عليه كانت كبيرة، جراء شكله وتفاصيلها، وتركه لأنصاره فرادى، وهروبه الى موقع سياحي، وصغيرة لأن التيار التكفيري في لبنان، منبوذ في الأساس، وحجمه قليل جداً، وسط الفسيفساء اللبنانية الجميلة.