لندن: موسى مهدي أخيرا قررت بريطانيا المنافسة على نيل حصة من كعكة التمويل الإسلامي التي تقدر بمبالغ تتراوح بين 500 مليار وتريليون دولار، حسب تقرير «ويرلد ريبورت» الصادر أخيرا. وشكلت الحكومة البريطانية أمس «قوة عمل» لهدف جعل بريطانيا مركزا للتمويل الإسلامي في العالم الغربي، لتستفيد بذلك من روابطها القوية بدول الخليج ومن سمعة مركزها المالي العريق في «حي السيتي». وحسب بيان وزارة الخزانة البريطانية الصادر أمس، فإن قوة العمل ستعمل على تقوية موقع لندن كـ«مركز للتمويل الإسلامي في العالم الغربي» وكـ«وجهة مفضلة» للعالم الإسلامي للاستثمار ولإنشاء الأعمال التجارية. وتعد لندن المركز المالي الأول الجاذب لرؤوس الأموال العربية من السعودية ومنطقة الخليج في أوروبا حسب تقرير «الثروة» الصادر الأسبوع الماضي عن مجموعة «سيتي غروب» و«نايت فرانك». وستعمل قوة العمل حسب البيان، على دعم تنمية قطاع التمويل الإسلامي في بريطانيا وزيادة الاستثمارات الداخلية وتقوية الاقتصاد البريطاني عبر ضخ أموال وإنشاء شركات جديدة وتوفير تمويل أرخص من التمويل التقليدي الذي توفره المصارف لمشاريع البنية الأساسية. ويرأس «قوة العمل» بشكل مشترك كل من غريغ كلارك وزير الدولة المسؤول عن الشؤون المالية بوزارة الخزانة ووزيرة الدولة بوزارة الخارجية البارونة وارسي. وسيساعد الوزيرين في تحقيق أهداف تنمية صناعة المال الإسلامي في لندن، مجموعة من خبراء البنوك البريطانية وحي السيتي وخبراء سكرتارية التمويل الإسلامي في بريطانيا. وقالت البارونة وارسي في هذا الصدد «نتوقع أن تشهد السوق العالمية للخدمات المالية الإسلامية نموا كبيرا خلال الأعوام المقبلة ولكن التعليقات التي وصلتنا من منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، تشير إلى أن هنالك عدم وعي في بريطانيا بهذه الصناعة المالية وبالتالي علينا العمل أكثر لتطوير هذا القطاع والوعي به». وأضافت «هنالك فرص كبرى لجذب الاستثمارات إلى بريطانيا مع زيادة الطلب على التمويل الإسلامي من قبل المستثمرين الأفراد وصناديق الاستثمار السيادية». ويذكر أن بريطانيا في سبيل تحقيق أهداف جذب الصناعة المالية الإسلامية، ألغت قبل سنوات كل العقبات القانونية والضريبية التي تعوق الأدوات المالية الإسلامية وسمحت لإصدارات الصكوك أو «السندات الإسلامية» في بورصة لندن. وبدأت بورصة لندن منذ عام 2004 في إصدار الصكوك الإسلامية التي بلغت حتى الآن 18 إصدارا تقدر قيمتها بنحو 34 مليار دولار. وحسب تقرير «موديز» الأخير فإن قطاع الكهرباء في الخليج سيحتاج إلى 50 مليار دولار لتوسعة طاقته إلى 60 غيغاواط بحلول عام 2004. وبالتأكيد فإن ضيق الأسواق المالية في الخليج لن يتمكن من استيعاب الإصدارات الضخمة التي سيحتاجها قطاع الطاقة وقطاعات أخرى في المنطقة وبالتالي فإن خبراء ماليين في لندن يتوقعون تزايد حجم إصدارات الصكوك في لندن خلال الأعوام المقبلة. وجرت مداولات خلال عام 2011 داخل حكومة التحالف البريطانية التي يقودها ديفيد كاميرون حول إمكانية إصدار صكوك سيادية لتمويل جزء من الإنفاق ولكن ظروف سوق التمويل الإسلامي لم تكن مساعدة وقتها، مما أدى إلى تراجع الحكومة البريطانية عن خطوة إصدار صكوك التمويل. وقالت مصادر مالية في لندن إن توقف عملية إصدار الصكوك حدثت لأسباب تتعلق بعدم جدوى العائد المالي من الإصدارات حينها. وتستضيف بريطانيا حاليا حوالي 25 شركة تمويل إسلامي حسب تقرير «وورلد ريبورت». أكبر هذه المؤسسات المالية الإسلامية بنك «لندن والشرق الأوسط» وبنك «بريطانيا الإسلامي» الذي تأسس في عام 2004. وحسب الباحث في جامعة هارفارد جيستن دارجين فإن بريطانيا أصبحت مركزا محوريا للتمويل الإسلامي في العالم الغربي لأسباب كثيرة أهمها الروابط التاريخية التي تربط بريطانيا مع منطقة الشرق الأوسط والمهارات المالية التي تحتويها لندن كمركز عالمي للتمويل والاستثمار. وقال الباحث جيستن دراغين في ورقة بحثية عن التمويل الإسلامي أن بعض الشركات الأميركية بدأت تفكر في استغلال الأدوات الإسلامية لتمويل بعض عملياتها. وأصدرت مجموعة «إيست كاميرون بارتنرز» للطاقة بولاية تكساس أول صكوك إسلامية في يوليو (تموز) عام 2006 وهي أول عملية إصدار صكوك في أميركا. وأطلع خبراء في الصناعة المالية الإسلامية «الشرق الأوسط» أن هنالك جهات كثيرة في أميركا تفكر في استخدام الأدوات المالية للتمويل عبر إصدار «سندات إسلامية».