حملت رغبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانضمام بلاده إلىاتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان) دلالات مهمة على استمرار مساعي أنقرة لترسيخ وجودها في المنظمات الإقليمية والدولية رغم صخب التقلبات الأمنية والسياسية التي تعصف بالبلاد. فقد نشطت الدبلوماسية التركية مؤخرا في خطب ود القارة الآسيوية التي شهدت زيارات أردوغان لكل من الصين وإندونيسيا وباكستان، فضلا عن مشاركة وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو في لقاءات القمة الـ48 للآسيان والتي عقدت في العاصمة الماليزية كوالالمبور مطلع أغسطس/آب الجاري. ويرى متابعون للشأن التركي وباحثون في العلاقات الدولية أن تركيا تسعى لتحقيق العديد من المكاسب والإنجازات من هذا التقارب على المستويين الداخلي والخارجي، لكنهم يشددون على مسعاها الاقتصادي لخلق شراكة اقتصادية مع منطقة مستقرة تعرض الإقليم المحيط بها للاضطراب. مراد يشلتاش:تركيا تتطلع للتجارة مع آسيان لتعويض الركود مع أوروبا(الجزيرة) منافع متبادلة وقالالباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لوزارة الخارجية التركية الدكتور مراد يشلتاشإن الاقتصاد التركي سيستفيد من إزالة التعرفة الضريبية مع دول الآسيان، حيث يبلغ قيمة التبادل التجاري بينهما حاليا نحو 8.5 مليارات دولار. وأضاف يشلتاش للجزيرة نت أن تركيا تتطلع للتجارة مع دول الآسيان لتعويض تراجع التبادل التجاري مع الدول الأوروبية، موضحا فيالوقت ذاته أن الميزان يميل لصالح بلاده بواقع 5.5 مليارات دولار، الأمر الذي يجعل مصلحة الآسيان في ضم تركيا أكبر من مصلحة أنقرة في ذلك. وتوقع يشلتاش أن يلقى الطلب التركي ترحيبا من دول الآسيان الراغبة بالاستفادة من الخبرة التركية في مواجهة الإرهاب، مشيرا إلى الترحيب الأولي من قبل ماليزيا وإندونيسيا بهذا الطلب. ووفقا للخبير التركي في العلاقات الدولية، فإن مسعى بلاده لا يحمل أي رسائل ضمنية للاتحاد الأوروبي المتردد في ضم أنقرة لعضويته منذ توقف المفاوضات بين الجانبين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقب أزمة التنقيب عن الغاز في محيط جزيرة قبرص اليونانية. وأضاف يشلتاش أن تركيا انخرطت في العديد من المنظمات الإقليمية والدولية، لكنها لا ترى في ذلك بديلا يعوضها عن مساعيها الإستراتيجية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ويتزامن الطلب التركي مع نشر دراسة لمركز "يوروباروميتر" عن مزاج الشارع التركي جاء فيها أن 40% من المواطنين الأتراك باتوا لا يرون مصلحة في انضمام بلادهم للاتحاد الأوروبي، مقابل33 % رأوا في ذلك أمرا جيدا. محمود الرنتيسي: تركيا تبحث عن المنظمات الدولية الآمنة والمستقرة(الجزيرة) فرص متاحة من ناحيته، أشار الباحث في العلاقات الدولية في مركز ستا للدراسات محمود الرنتيسي إلى أن المسعى التركي للانضمام للآسيان يهدف إلى ترسيخ وجود تركيا في المنظمات الدولية الآمنة والمستقرة. وأوضح للجزيرة نت أن أنقرة تعمل على تعويض الفرص الاقتصادية التي تعطلت جراء الاضطراب الأمني والسياسي في المنطقة. واستبعد الباحث وجود أي علاقة بين الطلب التركيوتعطل مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن "دولا أوروبية سبق أن قرعت أبواب منظمات اقتصادية آسيوية وانضمت إليها بهدف تحقيق مصالحها". وعبر الرنتيسي عن قناعته بجدية الطلب التركي في الانضمام لاتحاد الآسيان الذي يشجع الدول من خارج الإقليم على الانضمام إلي،. مؤكدا أن "أنقرة التي تتمتع بعلاقات ممتازة مع كل من جاكرتا وكوالالمبور ستجد ترحابا من قبلهما للانضمام إلى الاتحاد". يذكر أن اتحاد الآسيان تأسس في أغسطس/آب1967بالعاصمة التايلندية بانكوك، وقد ضم عند تأسيسهماليزيا وإندونيسيا وتايلند والفلبين وسنغافورة، ثم اتسع تدريجيا بانضمامخمس دول أخرى إليه، هي بورما ولاوس وكمبوديا وبروناي وفيتنام.