×
محافظة المنطقة الشرقية

إغلاق وتعهدات لمحال مخالفة في الصرار

صورة الخبر

لا نستطيع أن نعرف حكايات الآخرين ولا المتاعب التي يمرون بها دون أن نحتك بهم، قد تكون معاشرة عن قرب، وقد تكون لفرد سيحكي لنا سيرة أسرة. لقد عرفت بشكل دقيق قد يؤهلني لو أمد الله في عمري لأكتب دراسة اجتماعية عن مختلف قرى الشرقية، ولكن الجنوب عرفت الواجهات الجميلة، في أبها عرفت بهاء يشع من مشروعات فنية وأدبية ومشاريع للفقراء قادتها باقتدار الأميرة نورة بنت محمد، رئيسة جمعية أبها.. عرفنا دون أن نلمس بأنفسنا. وفي جازان عرفت الوجوه الجميلة عبر الجمعية الخيرية النسائية وعبر النادي الأدبي، وزرت متحفها حيث الجهد الدؤوب لجمع هذا التاريخ وتفاصيله!! المهم أعود للأسرة التي قابلتها وحديث الحكايات التي تسير على الأرض.. قربت من سيدة صغيرة، وتحركت شهرزاد في داخلي كما حثتها تلك الأخصائية الاجتماعية. قبل ذلك كنت قد التقيت بوالدتها في مجال آخر. عرفت من لهجتها القصيمية أنها عاشت فترة طويلة في القصيم وكسبت اللهجة التي بقيت معها. لكن السيدة الصغيرة ابنتها حدثتني عبر 15 يوما عن حكاية الأسرة وهي حكاية قد امتدت لثلاثة أجيال. تزوج الأب في جازان وأقيمت الحفلات الجازانية زينت العروس بالفل والملابس التقليدية، رقص الجميع وفرح الجميع لكن الفقر كان يقيم عرسا آخر، هذا العرس جعل الأسرة الصغيرة تشعر بلظاه وتحاول أن تقاومه. أثناء تكوين جيش الأسرة الصغيرة، ببادرة طفلين، كان الفقر يغرس أنيابا تستلزم الرحيل. فكانت القصيم المرحلة الأولى، وجدت الأسرة أرضا طيبة للعيش، اشتغل الأب حارس مدرسة، واشتغلت الأم بين البيوت، وما بين هذا وذاك كان الجيش يكبر، يصرخ صغير فيتكون بعد أربعين يوما آخر. هذه الأفواه لم يعد ما تلقطه الأم كافيا، ولا راتب الحارس يكفي، فكان التفكير برحلة أخرى تحط في الدمام، حيث جاءت الجحافل بحثا عن الرزق الوفير، والحلم الذي طال البعض وتبخر عن الكثيرين، عملت الأم فراشة ومع فراشة كانت هناك بسطة تكافح من خلالها مفتشي البلدية وتهرب ببضاعتها بين الحارات. الأب نقل شغله كحارس. كان كبار الأطفال يرعون صغارهم.. لذا كانت الدراسة والعلم شيئا على هامش الحياة.. واكتمل النصاب عن ستة عشر ما بين رضيع، ويمشي، ومن يعمل ويدرس، حتى أكل العمل فرصة الدراسة بالنسبة للكبار وبشق الأنفس شق بعضهم طريقا أخذ الثانوية العامة بمعدل لا يؤهله لمعهد صغير. ودخل بعضهم سوق العمل البسيط أو سوق البطالة، فأصبحت وظيفة جندي أمن في الشركات الكبرى وظيفة لبعضهم. البنات الكبيرات فتح لهن أبوهن سوقا آخر هو العمل كصبابات قهوة ينقلهن بين البيوت ثم يجمعهن آخر الليل، وبعضهن عرفن الطريق للجمعية الخيرية فدرسن مهنة الحلاقة النسائية، والتحقن بمشغل والشيء ذاته دوام مسائي غالبا. بقي صغار وصغيرات يدرسون في المدارس بين ثانوية ومتوسطة. تقاعد الأب وللأم حنكتها، بحثت هنا وهناك حتى حصلت على مساعدات استطاعت أن تمتلك من خلالها بيتا يضم الأسرة. وفاض البيت في الكبار وأطفالهم. وهنا أؤجل تكملة الحكاية حيث الابنة رقم ستة هي التي حدثتني فجمعت الحكاية، وأيضا لماذا أحكيها، وهي حكاية مثلها حكايات للكثيرين، ومن أجل الكثيرين في مختلف المناطق سأكمل. ووقى الله الجميع شر الآفات الثلاث، الجهل والفقر والمرض.