أتمنى أن ينشر هذا المقال وقد توصل الفرقاء في الصراع الليبي إلى صيغة مناسبة تخرجهم وتخرج معهم البلاد والعباد في ليبيا من أزمة احتراب الميليشيات وغياب الدولة. مفاوضات السعي وراء حل سياسي في ليبيا قادتها الأمم منذ ما يقرب من العام والنصف، هذه المفاوضات يصفها البعض أنها تسير ببطء شديد، وتوصف مرات أخرى بأنها تراوح مكانها، ولا تسير إلا بالضغوط الدولية. آخر الجولات التي شهدتها الصخيرات المغربية كانت النصر الممكن والحدث الأبرز في هذا المسار، وهي في الحقيقة كانت هدية انتظرها قطاع كبير من الليبيين في أواخر شهر رمضان المبارك الماضي. إلا أنها جاءت بما يمكن تسميته بنصف الحل؛ وذلك لأن الفريق المهم الثاني الذي يسيطر على العاصمة بقواه السياسية والعسكرية وشكله المؤسساتي -المؤتمر الوطني العام- هذا المؤتمر وإن وصف بأنه فاقد للشرعية الدولية وقبلها الوطنية بحكم انتهاء أعماله وولايته في فبراير 2014م، إلا أنه يسيطر على كثير من منافذ الحياة والأرض والسلاح في ليبيا وهذا اخطر ما في الموضوع، يضاف إلى ذلك ما يتردد منذ قيام هذا الشكل السياسي في ليبيا بأنه مُسيّر وبصورة واضحة من قبل قادة الفصائل المسلحة التي تتسمى بعدة مسميات هناك كالدروع والفصائل وغير ذلك، بينما هي في واقع الأمر وبحسب كثير من المراقبين قوى غير منضبطة تريد إدارة السلاح من خلال التهديد بالبندقية. اللافت أنه ومع تتبع مسيرة الحوار وخاصة بعد أن تم انجاز الصخيرات كواقع ملموس وحظي بمؤازرة دولية وإقليمية ووطنية ليبية واسعة تردد الكثير من الحديث حول تصدعات في بناء المؤتمر الوطني الليبي العام حيث انقسم إلى تيارات أبرزها تيار الحرب، الذي لا يرى في الفرقاء الليبيين الآخرين إلا أعداء يجب قتالهم وإخضاعهم بالقوة أو أنهم بقايا النظام السابق يعودون إلى المشهد السياسي والسلطوي في ليبيا من بوابة المجتمع الدولي. أما التيار الآخر فهو تيار المصالحة والمشاركة في الحوار، وهو ذو طابع سياسي ويتبلور هذا الجانب بعدد من الشخصيات الليبية والتيارات ذات الطابع الحزبي السياسي. النقطة التي حظيت بمتابعة واسعة بعد اتفاق الصخيرات كانت تحرك مبعوث الأمين العام إلى ليبيا السيد ليون وللقاء الذي جمعه بوفد مثل المؤتمر الوطني وكان اللقاء في الجزائر، وتعود أهمية هذا اللقاء إلى كونه ربما يحدد الخطوط العريضة العامة التي ستؤول إليها الأحداث في ليبيا مستقبلاً، وذلك لان وفد المؤتمر كما نقلت مصادر مقربة جدا منهم طلب بوضوح أمرين أساسيين، الأول هو استقالة قيادة الجيش الوطني الليبي المتحالفة مع الحكومة التي تحظى بالشرعية واعتراف المجتمع الدولي ومع البرلمان أو ما يسمى بمجلس النواب الليبي. وموضوع استقالة قيادة الجيش من النقاط الحساسة جدا حتى بين الجناح الآخر المناوئ للمؤتمر، لان القيادتين السياسيتين المتمثلتين في البرلمان أو مجلس نواب طبرق، وحكومة عبد الله الثني المؤقتة تعمل بتوازٍ مع قيادة الجيش ومظهره العام حركة الكرامة ممثلة بقيادة السيد خليفة حفتر. وهم في الواقع متفقون على أمور عامة ليس أقلها أن الخيار السياسي قد يكون الخيار الثاني لو رفع المجتمع الدولي عن هذا الفريق حظر التزود بالسلاح القائم بموجب قرار أممي منذ 2011م، و أنهم كفريق في حرب تمثل الليبيين ضد الإرهاب المطلق والمتنامي هناك. الأمر الثاني الذي طالب به أعضاء المؤتمر الوطني هو إعادة النظر في مسودة الحوار التي تم الاتفاق عليها في الصخيرات. وهذه الوثائق أصبحت بحسب الأمم المتحدة غير قابلة للتغير؛ كون الأسرة الدولية أقرتها كوثائق دولية غير قابلة للتعديل. هنا يجد الليبيون ومعهم العرب والأمم المتحدة أنهم أمام نصف اتفاق قد يقود للحرب.