يستطيع الفكر المتطرف – لفترة من الوقت-تخريج الانتحاريين وتمويل عملياتهم الاجرامية، ولكنه لن يستطيع الانتصار على المدى البعيد؛ لأن المجتمع أدرك تضليلهم وضلالهم وأن أفعالهم منافية للدين والإنسانية، وأن فكرهم ليس له سند من الدين أو العلم أو المنطق. أدرك المجتمع أن الإرهاب لا دين له ولا أخلاق، لقد نقل عملياته الاجرامية الى المساجد حتى يقتل أكبر عدد من الناس ثم استهدف رجال الأمن لأن الإرهابيين يدركون أن البديل عن الأمن هو الفوضى والرعب والتدمير والانتحار وهذه هي المهارات التي يجيدونها. وحين يصبح أمن المجتمع في خطر فإن الحياد غير مقبول والتنديد غير كاف. الأمن حاجه إنسانية أساسية وبالتالي فهو للجميع ومسؤولية الجميع، ولن يتم القضاء على الإرهاب بدون تعاون كافة أفراد ومؤسسات المجتمع. إن جريمة التفجير في مسجد قوات الطوارئ بعسير سوف تقوي تمسك الناس الأسوياء بدينهم الصحيح ووحدتهم الوطنية وتلاحمهم ونبذ التطرف الفكري، ورفض نشر الفتنة بين أفراد المجتمع. الوطن مستهدف من عدو وجد ضالته في الفكر التكفيري فوظفه لتحقيق مآربه الخاصة وبدأ ينفذ عملياته الاجرامية مستهدفا أمن بلادنا واستقرارها ووحدتها الوطنية. لقد تجاوز الفكر التكفيري الخطوط الحمراء، ولم يعد مجرد جدل وتنظير وعقول مغلقة، لقد انتقل الى مرحلة أكثر خطورة، وبدأ يقتل المصلين في المساجد فهل توجد جريمة أبشع من ذلك؟ وصول الإرهاب الى هذه المرحلة لن يؤثر في تماسك المجتمع ضد عدو مشترك، لكنه يحتم علينا مراجعة ثقافية وفكرية وإعلامية وتربوية، مراجعة شاملة صريحة صادقة شفافة شجاعة حتى نصل الى حماية الوطن من هذا الوباء، ومن فئة تريد احتكار الدين والحقيقة، فئة تمتهن الجهل والعناد والتخلف ومعاداة الحياة والعلم والمحبة والسلام. الأمن حياة، وعمل، وإنتاج، وتنمية. الإرهاب هو الذي يقتل الحياة والعمل والإنتاج والتنمية. الإرهاب ضد الجميع، لذا كان الأمن مسؤولية الجميع. وإذا كان رجال الأمن الشجعان الذين نفخر بهم يدافعون عن الوطن وأبناء الوطن فمن واجبنا أن نتعاون ونشارك باليقظة الفكرية في مساجدنا ومدارسنا وبيوتنا ومواقع عملنا. الأمن نعمة من الله لا بد أن نحافظ عليها، الأمن وحدة وطنية، الأمن سلام وحوار وتعايش، وتكافل. بالأمن تتحقق الإنجازات والمعجزات، ها هم أبناء وبنات الوطن في جامعاتنا وجامعات العالم يحققون التفوق العلمي ويقدمون للعالم مخترعات تخدم الانسان، يقدمون للعالم صورتنا الحقيقية الجميلة التي يشوهها الإرهاب. الأمن للجميع ولا يتحقق الا بمشاركة الجميع. الوطن في قارب واحد ومن يحاول إغراقه لا مكان له بيننا.