< هاجم اقتصاديون ما تمنحه الشركات السعودية المدرجة في سوق الأسهم السعودية من مكافآت كبيرة لقيادييها وأعضاء مجالس الإدارة، من دون وجود ضوابط تحكم وتحفظ حقوق المساهمين وتقيّم العمل الإداري وتوقف ما أسموه بـ«الهبات» غير المشروعة في بعض الأحيان مع ما تحققه بعض الشركات من خسائر. وأكد الاقتصاديون في حديثهم لـ«الحياة» أهمية فرض ضوابط وتفعيل أدوار الجمعيات العمومية التي تجاهلت حقوقها المنصوص عليها بالنظام بالمحاسبة، وأن إيقاف الهدر المالي ضرورة ملحة تحتمها حماية الشركات نفسها. وطالب الاقتصادي خالد سويدان بوضع ضوابط لمكافآت الرؤساء التنفيذيين في الشركات المدرجة، واصفاً ما يحصل عليه كثير من التنفيذيين من مكافآت كبيرة في مقابل خسائر تسجلها الشركات بأنه «إجحاف» واضح بحق المساهمين، مؤكداً أن هناك خلطاً لمفهوم المكافأة يبرز في بعض الشركات الخاسرة والمتعثرة. وقال سويدان: «إن الحديث دائماً ما يدور حول مكافآت أعضاء مجالس الإدارات، على رغم أن النقطة الجوهرية تتجاوز ذلك وتذهب لموضوع أكثر أهمية وهو مكافآت كبار التنفيذيين في الشركات، والتي في الغالب تماثل مكافآت أعضاء مجالس الإدارات بأضعاف مضاعفة، وينطبق ذلك على الشركات الرابحة والخاسرة على حد سواء». وأضاف: «عموماً يجب أن تقترن مكافآت التنفيذيين مع تحقيق شركاتهم لأداء يفوق الأهداف الموضوعة، وأشدد هنا على أداء يفوق الأهداف الموضوعة، وهذا مبدأ بديهي لعملية منح المكافأة في جميع الشركات حول العالم، لكن ما يحدث لدينا هو خلط واضح في تطبيق مفهوم المكافأة، ويبرز هذا بشكل واضح في بعض الشركات المتعثرة والكثير من الشركات الرابحة، وأهمها المصارف التي لم تحقق الأهداف الموضوعة لها». وتابع سويدان: «المديرون التنفيذيون في بعض الشركات استمروا على أخذ المكافآت كما لو أنها عادة مستحقة لهم من دون النظر إلى الأداء كمعيار للتقويم»، مبيناً أن المصارف تطبق هذه القاعدة فقط على صغار الموظفين لديها. وزاد بقوله: «أعتقد بأن على مجالس الإدارات والمساهمين في الجمعيات العامة أن يثيروا مثل هذه المواضيع المهمة، وأن يضعوا لها الضوابط التي تضمن حصول التنفيذيين الناجحين فقط على مثل هذه المكافآت». وعن غياب الشفافية في التعامل مع استفسارات وسائل الإعلام والملاك من بعض الشركات وتنفيذييها، وغياب الرقابة والمعاقبة في حال عدم الإفصاح الكلي، قال سويدان: «لا أعتقد بأن من مهمات هيئة السوق المالية إجبار شركة ما على الظهور في وسائل الإعلام، لكن أتفق مع أن من واجبات الهيئة إرغام الشركات على الإفصاح التام عن أي تطورات مهمة ومعاقبتها ومسؤوليها في حال مخالفة نظام ولوائح الهيئة، خصوصاً أن موضوع الإفصاح يعد أحد أهم المواضيع التي تحتاج إلى تطوير ومتابعة مستمرة بهدف رفع مستوى كفاءة السوق المالية». من جانبه، قال الاقتصادي سعود الناصر إن كثيراً من الشركات المتعثرة تمنح مكافآت، بل وتستقطب قياديين جدد داخل الشركات بمنافسة مع الشركات الرابحة، من دون وجود أية ضابط لعمليات الصرف أو تحديد أطر بمراقبة من مجالس الإدارات والمجالس العمومية، مضيفاً: «الأمر تطغى عليه المجاملة في كثير من الأحيان على حساب حقوق مساهمين، وسيجد القياديون لهذا ألف مبرر». وبيّن الناصر أن ما مرت به بعض الشركات في الفترة الأخيرة من تلاعبات تجاوزت البلايين وسجلت ضمن نطاق «الفضائح» ينبئ عما يتم داخل شركات أخرى وما توزعه على شكل هبات أو «شرهات» من غير وجه حق ومبالغة في المصاريف للقياديين. وطالب بتحديد مبالغ كسقف أعلى لمكافآت مجلس الإدارة ومصاريف السفر للقياديين وما شابه لها، مضيفاً: «البعض يعتقد بأننا قد نحكي عن مبالغ بالآلاف، بعض القياديين يصرفون على هذه الأمور ملايين الملايين ولا أحد يسألهم، ولا جمعية عمومية تسأل وتبحث وتعترض وتطالب بحقوق المساهمين». وشدد على أهمية التغيير الدوري في بعض الشركات، إذ ترزح لعقود تحت وطأة الإدارات نفسها - على حد وصفه -، مؤكداً أن الفساد المستشري داخل بعض الشركات أعاقها عن التقدم وخدمة الاقتصاد الوطني ورفع أعمال الشركة وربحيتها وخدمة مساهميها الذين يتعرضون للتضليل في بعض الأحيان. بدوره، قال الاقتصادي محمد السبيعي إن الفائدة المرجوة من دخول الاستثمارات الأجنبية للسوق السعودية التي كان الهدف الرئيس منها هو لزيادة معدلات الإفصاح والشفافية داخل الشركات، وبالتالي له فوائد حقيقية مثل تغيير الأنظمة ورفع مستوى الشفافية والحوكمة. وأضاف: «بعض الشركات من خلال النظر لقوائمها المالية تدرك فوراً حجم الفساد والهدر المالي الموجود داخلها، وتتم معالجته في بعض الأحيان بطريقة غبية على بعض البنود، وأنا أستغرب كيف تمرّ على كل أعضاء مجلس الإدارة أو أعضاء الجمعية العمومية والمساهمين؟ ولماذا يصمتون ويجاملون على حساب مصلحتهم الشخصية؟ هناك حالات داخل بعض الشركات تحتاج إلى تدخل هيئة مكافحة الفساد».