مجتمع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي كثيراً ما يوفر الدعم للصحافيين خلال المحن والكوارث التي تلم بهم، وخير مثال على ذلك التضامن المنقطع النظير الذي أبداه هذا المجتمع، بعد أن اتهمت السلطات الألمانية اثنين من الصحافيين بنشر أسرار الدولة، وتعريض أمنها للخطر. فقد خرج المئات من المتظاهرين في برلين، السبت الماضي، تضامناً مع اثنين من الصحافيين، يعملان في موقع صحفي إلكتروني، اتهمتهم السلطات بخيانة الدولة، بعد أن سربوا معلومات حساسة عبر الإنترنت. وكان المدونان ماركوس بيكيدال وأندريه مايستر، العاملان في الموقع الإخباري المرموق نيتزلولوتيك، خضعا للتحقيق بتهمة نقل تقارير استخباراتية، تكشف عزم الحكومة التوسع في برنامج وطني للتجسس على الصحافة الإلكترونية. ورفع مكتب حماية الدستور (وكالة الاستخبارات الألمانية) دعوى رسمية ضد اثنين من المقالات، نشرهما الموقع بتاريخ 25 فبراير و15 أبريل، حيث ركزت تلك المقالات على تخصيص ثلاثة ملايين دولار إضافية للوكالة للتوسع في نطاق برامج مراقبة الإنترنت، مع التركيز بشكل خاص على الشبكات الاجتماعية. ويتهم التحقيق الصحافيين بموجب المادة (94) من القانون الجنائي الألماني، التي تنص عقوبتها على السجن عاماً واحداً حداً أدنى، والسجن مدى الحياة حداً أقصى لمن نشر معلومات حساسة عن الدولة، إلا أن السلطات علقت التحقيق لكي تتأكد مما إذا كانت المعلومات تضر بأمن الدولة أم لا. وردت نقابة الصحافيين الألمانية بالضغط على مكتب المدعي العام الاتحادي، واتهمته بمضايقة الصحافيين والتحرش بهم. وفي الحال انضم مجتمع الإنترنت إلى هذه المعركة الصحافية، إذ عبر الآلاف منهم عن دعمهم للصحافيين، وانتشرت الرسائل على تويتر وغيره من الوسائل، تنديداً بهذه الخطوة التي تضر بحرية الصحافة. وبعد هذه الضغوط الشعبية القوية، أوقف المدعي العام الاتحادي، هارالد رانغ، التحقيق إلى حين ورود تقرير الخبراء، لتحديد ما إذا كان يمكن اعتبار المعلومات التي تم الكشف عنها معلومات مصنفة أم لا. وفي ما بعد تساءل وزير العدل، هيكو ماس، عن مدى قانونية فتح تحقيق حول خيانة الدولة، وطرد المدعي العام من منصبه، بعد أن تجادل الاثنان حول مزاعم بالتدخل السياسي في القضية، والتي نفاها الوزير. ويقول بيكدال إن قرار إيقاف التحقيق ليس كافياً نريد أن نعلم بالضبط ما إذا كنا خاضعين للمراقبة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من التحقيق.