ما من أحدٍ لديه أثارة من علمٍ أو مُسْكة عقلٍ يشهد بأم عينيه ما تلحقه الجماعات التكفيريّة من الأذى بالإسلام وأهله ثم يُمكن أن يُخالجه أدنى شكٍّ في أنّ: داعشاً خوارج/ مجرمون قد امتازوا بذلك الوصف عن جهلٍ وظلم؛ إذ هم النابتةُ الذين ما من صفةٍ جاءت بها السنّة استفاضةً في استقصاء ما عليه: الخوارج من صفاتٍ/ وأفعالٍ قد أهّلتهم إلى أن يكونوا: شرّ الخلق والخليقة إلا وقد تناولت أفعال داعش اليوم فانطبقت عليهم بالتالي صفات الخوارج فيما كان منها مطلقاً أو مقيداً؛ حيث إنهم قد حازوها جملةً وتفصيلا. وأيّ شرِّ قد بقي من صنيع الخوارج الأجداد لم يصدر عن: داعش الأحفاد ولربما فاقوهم سفكاً للدماء -المعصومة- وتحريفاً للكلم عن مواضعه؟! ومن يكن كذلك فلا ريب أنّهم: أبغض الخلق إلى الله تعالى. وبأيّ حالٍ.. فإنّ المعنى الذي سوّغ لي وسم المقالة بهذا العنوان هو ما جاء في هذا النّص الذي: أخرجه الإمام أحمد في (المسند) من طريق: عَبْدالرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا غَالِبٍ يَقُولُ لَمَّا أُتِيَ بِرُءُوسِ الْأزَارِقَةِ فَنُصِبَتْ عَلَى دَرَجِ دِمَشْقَ جَاءَ أَبُو أُمَامَةَ فَلَمَّا رَآهُمْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ كِلَابُ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هَؤُلَاءِ شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ وَخَيْرُ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ هَؤُلَاءِ قَالَ فَقُلْتُ فَمَا شَأْنُكَ دَمَعَتْ عَيْنَاكَ قَالَ رَحْمَةً لَهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ قَالَ قُلْنَا أَبِرَأْيِكَ قُلْتَ هَؤُلَاءِ كِلَابُ النَّارِ أَوْ شَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لَجَرِيءٌ بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا ثِنْتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ قَالَ فَعَدَّ مِرَارًا. وهو كذلك في (المصنف) لعبدالرزاق، وقال الحاكم عنه هو: (صحيح على شرط مسلم) ووافقه الذهبي. بينما أخرجه الترمذي من وجهٍ آخر وقال عنه: (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَأَبُو غَالِبٍ يُقَالُ اسْمُهُ حَزَوَّر). والحديث في الجملة حسن صحيحٌ يروى من غير وجهٍ عن أبي أمامة الباهلي.. وحتى تستقيم لنا قراءة حديث أبي أمامة فهماً وتصوراً فلا بد من أن نضيف إلى حديث أبي أمامة حديث عبدالله بن أوفى -رضي الله عنه- الذي هو الآخر قد أخرجه عنه أحمد في (مسنده) والحاكم في (مستدركه) من طريق: الْحَشْرَجُ ابْنُ نُبَاتَةَ الْعَبْسِيُّ كُوفِيٌّ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ قَالَ لِي مَنْ أَنْتَ فَقُلْتُ أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ قَالَ فَمَا فَعَلَ وَالِدُكَ قَالَ قُلْتُ قَتَلَتْهُ الْأَزَارِقَةُ قَالَ لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كِلَابُ النَّارِ) قَالَ قُلْتُ الْأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ أَمْ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا قَالَ بَلَى الْخَوَارِجُ كُلُّهَا قَالَ قُلْتُ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ وَيَفْعَلُ بِهِمْ قَالَ فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ عليك بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ وَإِلَّا فَدَعْهُ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَم مِنْه)ُ. وأوشك أهل الصنعة الحديثية بما يُشبه الاتفاق على أن إسناد هذا الحديث صحيح؛ لولا الخلاف في سماع الأعمش من ابن أبي أوفى.. في حين أنّ سماع الأعمش من ابن أبي أوفى صحيح وإن نفاها بعض المحدثين، فقد أثبتها بعضهم.. وبكلٍّ فإنّ من علم حجة على من لم يعلم والمثبت مقدم على النافي قال أحد المحققين: (فقد أثبت سماعه -أي الأعمش- الحافظ أبو نعيم والحافظ الذهبي. قال أبو نعيم الحافظ: رأى أنسا، وابن أبي أوفى، وسمع منهما). أما عن أوجه الشبه ما بين الخوارج وبين: كلاب أهل النار فلنقرأه جميعا في هذه المنقولات: * قال القاري في : مرقاة المفاتيح (أَيْ هُمْ كِلَابُ أَهْلِهَا، أَوْ عَلَى صُورَةِ كِلَابٍ فِيهَ). * والمناوي في: فيض القدير وكّد على أن المعنى هو :(أنهم يتعاوون فيها عواء الكلاب، أو أنهم أخس أهلها، وأحقرهم، كما أن الكلاب أخس الحيوانات وأحقرها) ثمّ أضاف: (والحكمة من عقابهم بهذا العقاب: أنهم كانوا في الدنيا كلابا على المسلمين، فيكفرونهم ويعتدون عليهم ويقتلونهم، فعوقبوا من جنس أعمالهم، فصاروا كلابا في الآخرة) ولم تزل بعد داعش تُمارس نباحها في تمدّدٍ على نحوٍ فاحشٍ يتوكّد معه أحقيّتهم بلقب: كلاب أهل النار. نقلا عن الشرق