هل صحيح أنك حينما تريد رجل البوليس لا تجده في الوقت المناسب؟! هذا سؤال بدأ به مذيع نشرة الأخبار في محطات التلفزيون الأمريكية حينما أراد أن يعطي مقدمة لخبر قائلا: إن مجرما من المجرمين الهاربين من العدالة في واشنطن العاصمة ظل هاربا لمدة ثلاث سنوات ولم يستطع البوليس القبض عليه. ويستمر المذيع في نشرته قائلا إن المجرم تعب من كثرة التنقل والهرب والبحث عن شيء يسد رمقه ولا مسكن ولا مأوى وحياة مهددة بين لحظة وأخرى، وفي يوم من الأيام يئس هذا المجرم وقرر بطوع إرادته أن يسلم نفسه للبوليس وظل ما يقارب الساعتين يبحث عن سيارة بوليس ليهدي نفسه إليها حتى أنه أصيب بخيبة أمل مرددا (خذوني، ودوني، احبسوني) وفي النهاية واستجابة لنداءات المجرم ودعواته الداخلية.. حضرت سيارة بوليس، أسرد هذا وأتذكر دائما حينما أجد مخالفات مرورية صريحة في شوارعنا ترتكب بشكل دائم وبمنتهى الاستخفاف بالأنظمة ولا أستطيع عمل شيء وفي غمرة انزعاجي مما أشاهد من فصول مسرحية قاتلة أتمنى أن أرى سيارة مرور تلاحق وتخالف المخطئ.. ولكن لا شيء !! وقد تأتي أحيانا سيارة المرور ويكون المشهد قد انتهى. من يفهمني؟! ليس أسوأ على الإنسان من أن يفهم خطأ، وليس أمر على الإنسان من أن يعطى تفسيرا خاطئا لقول ما قاله أو لعمل يريد به شيئا ويفسر بشيء آخر، وسوء الفهم أمر مزعج حقا خصوصا إذا كنت تعمل جاهدا لإتقان مهنة ما أو تحقيق هدف منشود، ويساء فهمك والناس يسيئون الفهم كثيرا بحسن نية، ولكن يطغى سوء النية على الكثير من مفاهيم البعض ويستسهل الأمر، ويظلم الآخرين أو تحدث الفرقة، وأسوأ نتاج لسوء النية هو ما يحدث في الأسر والمجتمعات.