بيروت: كارولين عاكوم وضع التفجير، الذي استهدف السفارة الإيرانية في بيروت أمس، لبنان أمام مرحلة جديدة على وقع مستجدات الأزمة السورية والمعارك الدائرة هناك على أكثر من جبهة، ولا سيما معارك «القلمون». وباتت سياسة «النأي بالنفس» شعارا غير قابل للتطبيق في ظل انخراط جهات لبنانية في القتال ولا سيما حزب الله، الذي أكد أمينه العام حسن نصر الله منذ أيام قليلة المضي قدما في المعركة لمواجهة ما سماه «الهجمة الدولية الإقليمية التكفيرية» على سوريا. انطلاقا من هذا الواقع، يبدو واضحا ارتباط التفجيرات التي تستهدف لبنان في الفترة الأخيرة بالأزمة السورية، بحسب الخبير العسكري نزار عبد القادر، الذي اعتبر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «استهداف السفارة الإيرانية أمس بتفجيرين انتحاريين لا يعدو كونه استكمالا لسلسة الانفجارات التي تستهدف بعض المناطق اللبنانية، وهي بالتالي نتيجة لتدخل بعض الأفرقاء في الداخل وخصوصا حزب الله في القتال على مختلف الجبهات في سوريا، محولة لبنان إلى مسرح ملتهب على شفير الانفجار في أي لحظة». ويتفق الخبير العسكري أمين حطيط مع عبد القادر لجهة الترابط الكلي بين الساحتين السورية واللبنانية. وفي حين يتوقع حطيط، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «يبقى الأمر على ما هو عليه ما دامت الأزمة في سوريا مستمرة»، يربط بين «استهداف السفارة الإيرانية في بيروت وسقوط بلدة قارة في سياق معركة القلمون»، مذكرا كذلك بـ«التفجيرات التي استهدفت في وقت سابق منطقتي الرويس وبئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت على وقع معركة القصير، والتقدم الذي كانت أحرزته قوات النظام السوري على الأرض». وكان أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، اتهم جماعات إسلامية متطرفة بتفجيرات الرويس التي وقعت في منتصف أغسطس (آب) الماضي، وأوقعت أكثر من 25 قتيلا ومئات الجرحى، معتبرا أنه «ليس هناك ما يثبت أن إسرائيل نفذت الهجوم ولو أن المتطرفين يمكن أن يكونوا يعملون لصالح الدولة اليهودية». وتوقع حطيط أن «تشهد المرحلة المقبلة عمليات مماثلة»، معتبرا أن «ما حدث تطور منتظر ومفتوح على كل الاحتمالات ونتائجها الدراماتيكية»، والمشكلة برأيه «تكمن في أن الدولة اللبنانية لا تملك القدرات اللازمة لضبط هذا التهديد، أو ما يعرف بـ(الأمن الوقائي) عبر (نظام الرصد الإلكتروني والهاتفي) الذي يفترض أن يكون قادرا على اختراق الجهات التي يمكن أن تكون مصدرا للتهديد، وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى حزب الله الذي كانت مناطقه عرضة للاستهداف في الفترة الأخيرة». من ناحيته، يلفت عبد القادر إلى «قضية النازحين السوريين الذين تزيد أعدادهم بشكل كبير في ظل عدم القدرة كذلك على ضبط الحدود اللبنانية التي تساهم في تسهيل عمليات مماثلة من خلال الوصول فورا إلى الهدف، وهذا ما حصل في تفجيرات الضاحية الجنوبية وطرابلس». وفي حين يشير عبد القادر إلى أن «الفاعلين في تفجير السفارة الإيرانية معروفو الهوية، انطلاقا من طبيعة المكان المستهدف، وبالتالي هو رد فعل على الهجمة الشرسة والمعارك الضارية التي تشهدها الجبهات السورية»، يلفت إلى أن «الخطر على لبنان مصدره جهتان أساسيتان، الأولى هي المجموعات الإسلامية المقاتلة بسوريا في مواجهة حزب الله ولواء أبي فضل العباس، التي تعمد إلى الانتقام من إيران وسياستها في سوريا باستهداف مصالحها ومصالح حزب الله في لبنان، على غرار ما حصل في أفغانستان والعراق. والثانية هي المجموعات التابعة للنظام السوري ومخابراته باستهداف مقرات أو مناطق داعمة للمعارضة السورية، وهذا ما تجسد بشكل واضح في تفجيرات طرابلس في بداية شهر أغسطس (آب) الماضي». في المقابل، يبدو واضحا بحسب حطيط أن «الجماعات الإسلامية التي منيت بخسائر فادحة ولا تزال في سوريا تريد من خلال هذه التفجيرات توجيه رسالة إثبات وجود وانتقام وتحوير الانتباه عنها، للقول للمراقبين إن انهيارها في سوريا لا يعني انتهاءها، محملين في الوقت عينه إيران فشل مشروعهم هذا». وتوقع «المزيد من التفجيرات التي قد تستهدف مناطق لبنانية عدة انطلاقا من توجهات هذه الجماعات التي تعتبر كل من لا ينتمي إلى فكرهم هو عدوهم، وبالتالي هدفهم لم ولن يكون الطائفة الشيعية فقط». واعتبر في الوقت عينه أن «محاولة تفجير السفارة الإيرانية أمس فشلت ولم تحقق أهدافها في استهداف الجسم الدبلوماسي بفضل القدرة الإلهية ونتيجة الإجراءات التي كانت متخذة من قبل أمن السفارة الإيرانية».