قال متعاملون إن بنوكاً طلبت منهم التوقيع على شيكات ضمان بضعف قيمة التمويل، أحدها شيك بكامل المبلغ، وثلاثة شيكات بقيّم أقل، وتساوي في مجموعها قيمة التمويل الممنوح، ما يعني توقيعهم شيكات على قيمة مضاعفة عن تلك التي اقترضوها، لافتين إلى أن هذا الإجراء جديد، خصوصاً لمن ينقلون مديونياتهم من بنك إلى آخر. وفي وقت أكد مصرفيون أن تعدد الشيكات إجراء جديد لسهولة التقاضي في حال تعثر المتعامل، ولتغطية المبلغ الأصلي ونفقات متداولي الأسهم ورسوم المعاملات، ومن أنه لا يمكن للبنوك إساءة استخدام تلك الشيكات، باعتبارها مؤسسات لها نظم داخلية يعمل الموظفون وفقها، أكد خبير قانوني أن إلزام المتعاملين توقيع شيكات ضمان متعددة، إجراء غير قانوني، ومخالف لإجراءات المصرف المركزي. إجراء جديد فيصل عقيل: موظفو المصرف يشرحون للمتعامل جميع الإجراءات قبل التقدم بطلب الحصول على تمويل، ويتم إدراج جميع هذه المعلومات في العقد. الشيك أداة وفاء أكّدت المحكمة الاتحادية العليا في حيثيات قضايا مالية سابقة أن الشيك أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات، وأن الوفاء به مثل الوفاء بالنقود سواء بسواء، صوناً لهذه الورقة وحماية لها عند قبولها للتداول، وأنه لا عبرة بعد ذلك للأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره، إذ لا تأثير لها في طبيعته، كتحريره على سبيل الضمان، إذ تعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجنائية التي لم يستلزم المشرع لتوافرها فيه نية خاصة. ورفضت طعون متهمين في قضايا شيكات ضد أحكام صدرت بحقهم بالحبس، مبينة أن جريمة إعطاء شيك من دون رصيد، هي جريمة الساحب الذي أصدر الشيك، فهو الذي أوجد أداة الوفاء ووضعها في التداول، وهي تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد، مع علمه بأنه ليس له رصيد قابل للسحب، تقديراً بأن الجريمة تتم بهذه الأفعال وحدها دون غيرها من الأفعال التالية لذلك، إذ تنعطف بهذا الطرح للتداول والحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة. وتفصيلاً، قال متعاملون لـالإمارات اليوم، إن بنوكاً تعاملوا معها طلبت منهم التوقيع على شيكات ضمان بضعف قيمة التمويل الذي تقدموا للحصول عليه، وليس شيكاً واحداً بقيمة التمويل كما جرت العادة. وأضافوا أن الشيك الأول يتضمن كامل مبلغ التمويل، فضلاً عن ثلاثة شيكات بقيم أقل، وتساوي في مجموعها قيمة القرض الممنوح، ما يعني توقيعهم على شيكات بقيمة مضاعفة عن تلك التي اقترضوها. وأكدوا أن هذا الإجراء جديد لدى بعض البنوك، خصوصاً للمتعاملين الذين يرغبون في نقل مديونياتهم من بنك إلى آخر. وأوضحوا أن موظفي تلك البنوك أفادوهم بأن الشيكات الإضافية، سياسة جديدة لدواعي تقديمها للجهات القضائية في حال تعثر المتعامل في أكثر من قسط، بدلاً من تقديم كامل المبلغ، مشيرين إلى أن الموظفين حاولوا إقناعهم بأن الإجراء في مصلحتهم، حتى لا تلزمهم المحاكم دفع قيمة القرض مكتملاً، وفقاً للشيك ذي القيمة الكبيرة. ولفت المتعاملون إلى أنهم فوجئوا بهذ الإجراء في مراحل متأخرة من إجراءات الحصول على التمويل، ولذلك لم يكن أمامهم خيار إلا الموافقة. شراء المديونيات بدوره، قال نائب الرئيس التنفيذي مسؤول الأفراد وإدارة الثروات في الإمارات الإسلامي، فيصل عقيل، إنه بحسب السياسة المتبعة في (الإمارات الإسلامي) في ما يخص حالات شراء مديونيات المتعامل من مصارف أخرى، فإن المصرف يحصل من المتعامل على شيك ضمان لتغطية مبلغ التمويل الأصلي مع الربح، إضافة إلى ثلاثة شيكات أخرى لتغطية نفقات متداولي الأسهم، والتكافل، ورسوم المعاملات. وأضاف أن موظفي المصرف يشرحون للمتعامل جميع هذه الإجراءات قبل التقدم بطلب الحصول على تمويل، ويتم إدراج جميع هذه المعلومات في العقد المبرم بين المصرف والمتعامل. سياسة جديدة من جانبه، اعتبر مسؤول في بنك تجاري بدبي، فضّل عدم نشر اسمه، هذا الإجراء بأنه جديد في البنك. وقال: بعد دراسة مستفيضة وجدنا أنه من الأفضل للمتعامل والبنك، تقسيم قيمة القرض على أكثر من شيك إضافي، لسهولة التقاضي في حال تعثر المتعامل، بدلاً من إلزامه كامل مبلغ التمويل، دون أن يكون أجل استحقاقه حل، وبالتالي، يصبح من الأفضل إلزامه بشيك يقارب قيمة التعثر المالي. وأكد أنه لا يمكن للبنك إساءة استخدام كامل الشيكات لديه، وما يهمه هو ضمان مبلغ القرض والفوائد المترتبة عليه، مشيراً إلى أن البنوك مؤسسات لها نظم داخلية يعمل الموظفون وفقها، وليس بناءً على هوى أو تصرفات شخصية. ضغط بنكي إلى ذلك، قال الخبير في إدارة المخاطر، مصطفى الركابي، إن البنوك تأخذ شيكاً بكامل مبلغ التمويل، نوعاً من الضمان، ثم يمكنها تقسيم المبلغ مرة أخرى على ثلاثة أو أربعة شيكات بقيّم أقل. وأوضح أن ذلك يتم لسهولة تقديم الشيكات لأجهزة الأمن، نوعاً من الضغط على المتعامل غير الملتزم، لافتاً إلى أن إدارات البنوك لا تستخدم شيكات الضمان إلا بعد أن تنذر المتعامل مرات عدة، وتمنحه أكثر من فرصة. وتابع: في النهاية، فإن على المتعاملين أن يدركوا أن الشيكات أداة وفاء، ولها صفة جنائية، ولا يصح التهاون أبداً بسداد الأقساط في مواعيدها. مخالفة قانونية قانونياً، أكّد المحامي علي خضر العبادي، أن إلزام المتعامل التوقيع على شيكات ضمان إجراء غير قانوني، ومخالف لإجراءات المصرف المركزي، لافتاً إلى أن الشيك أداة وفاء وليس ضماناً. وحذّر العبادي من خطورة تحرير شيكات الضمان عند الاقتراض، إذ يمكن أن تتسبب في دخول صاحبها السجن، في حال عدم الوفاء بسدادها، على سند أن المحكمة لا تعتد بالنية التي حررت من أجلها الشيكات، مشدداً على أهمية زيادة الوعي بهذا الأمر، للحد من القضايا المالية التي تقع بين المصارف والمتعاملين. وأوضح أنه يمكن للمتعامل أن يلجأ إلى المصرف المركزي، بتقديم شكوى ضد أي بنك يلزمه التوقيع على مثل هذه الشيكات، بما يخالف القواعد والقوانين المنظمة في منح القروض، مشيراً إلى متعاملين صدرت بحقهم أحكام قضائية، بسبب تحرير شيكات ضمان، ولم تعتد المحاكم بنياتهم. وقال إن البنوك تلجأ إلى مثل هذه الأساليب لضمان حقوقها، واسترجاع أموالها، مستغلة حاجة المتعاملين للأموال، وهو ما يذعن له المقترضون من دون وعي وإدراك للمخاطر القانونية المترتبة على ذلك. شيك وفاء في السياق نفسه، قال المحامي أحمد رمضان، إن شيك الضمان وثيقة أساسية لاستكمال أي قرض، وعلى صاحبه أن يدرك عواقب استخدامه، لأنه لا يوجد أي دليل على تحريره شيك ضمان. وأضاف أن العديد من الجهات المصرفية يلجأ في معظم الأحوال إلى إلزام المتعامل تحرير شيك على بياض، حتى يتم البت في الطلب المقدم منه للاقتراض، وبناءً على ذلك لا يتم ذكر رقم الشيك أو قيمته في أي بند من بنود التعاقد، وبالتالي أصبح ذلك إقراراً صريحاً من المقترض على تفويضه للبنك بكتابه المبلغ الذي يراه في متن الشيك، وهنا يتحوّل الشيك من (شيك ضمان) غير منصوص عليه في أي تعاقد، إلى (شيك وفاء) واجب الدفع عند الطلب. وتابع: إذا نُص على قيمة الشيك ورقمه وتاريخه في التعاقد، (بند أساسي) في عقد القرض، فهنا يتحوّل الشيك من أداة وفاء إلى شيك ضمان، ولا يجوز به اللجوء إلى المحكمة الجزائية، وإنما يتم التقاضي به عن طريق المحاكم المدنية، وهذا قليل جداً ما يحدث. وأشار رمضان إلى أن أهم الأسباب التي تؤدي إلى كثره قضايا الشيكات أمام المحاكم، هي تقديم البنوك تسهيلات للراغبين في الحصول على قروض دون دراسة متأنية لحالة المتقدم المالية، أو تاريخه في التعامل البنكي، ودرجة التزامه سداد ما عليه من مستحقات، وطبيعة ظروفه الاجتماعية والاقتصادية. وأكد أنه يجب مخاطبه المصرف المركزي، لمخاطبة البنوك بعدم الإفراط في تقديم قروض من دون دراسة أوضاع المتقدمين، فضلاً عن توفير نوع من التوعية لأفراد المجتمع حول مخاطر الشيك كمستند ربما يقود صاحبه إلى السجن، إذ إنه وفقاً لقانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لعام 1987، تنص المادة (401) من القانون على أنه: يعاقب بالحبس أو الغرامة كل من أعطى بسوء نية شيكاً ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب، مشيراً إلى أن الأصل في الإثبات أن الشيك أداة وفاء لدين مستحق على الساحب، وعبء إثبات خلاف ذلك وقوعه على عاتق الساحب.