(الغيمُ يا أبها يكفكفُ جرحهُ والماءُ -رغم ضلالهمْ– يتبسَّمُ قولي لمنْ نثرَ الدماءَ توهّماً الله أكبرُ من هواكَ وأرحمُ) مفرح الشقيقي فجعنا بتفجير الخميس الغاشم في جنوبنا العسير على أعدائه.. فأحر التعازي لأهالي شهدائنا وعطرنا الفواح، والذين سجلوا أسماء أبنائهم في سجل الولاء في بيت من بيوت الله وفي موقف عبادة، وأي ميتة أشرف من هذه؟ تقبلهم الله وأحسن إليهم. الجرح موجع ونازف وليس لنا إلا الصبر والعزاء، فهم رجال الوطن الذين سقوه بعرقهم في حياتهم واليوم بدمائهم. كل مرة نجد أن القتل على الهوية الدينية فكل القتلى مسلمون، وهو يركز على أن يكون القتلى في مسجد وفي وقت الصلاة؛ بحثا عن أكبر عدد من الضحايا المتوجهين بوجوههم لله.. وهذا ما حدث هنا أيضا، لكن هذه المرة الضحايا من المنتمين إلى السلك العسكري، وربما كان هذا سبب السرعة في تأكيد المجرمين بعد العملية على تبنيها وعلى أنها رد إرهابي مباشر موجه ضدنا انتقاما. إن حزاما ناسفا لن يهز أمن واستقرار وطن يخوض حربا ضد أعدائه منذ أمد بعيد؛ وواقع حياتنا في المملكة خاصة والخليج كافة أننا لا نزداد بعد كل عملية تهديد للأمن إلا قوة وتماسكا والتفافا وكرها للإرهاب وأهله، خاصة أهل الضحايا الذين تذوقوا مرارة طعمه. كمية الألم الذي في التفجير لا توصف؛ فالقتلى كالعادة أبرياء لا ذنب لهم، والقاتل حين اخترق صفوفهم لم يكن يعاقب مذنبين، بل كان يرغب أن يصيب رجال الوطن بجرح في الخاصرة.. فهل أصابهم ومن الأشد ألما؟ أو من كان الضحية الحقيقي؟! تعليقات من تبنوا الجريمة والتي كانت تظهر الشماتة كان واقعها يخبر عنها أنها تتألم وتكرر الحديث عن ألمها، وتنعى أسراها بتكرار أسمائهم ومن خلال التظاهر بالفرح الزائف والشتائم؛ ذلك أن الضربات المتلاحقة التي وجهها الأمن السعودي للخلايا الإرهابية كانت قاتلة؛ لأنها أفشلت مخططاتهم وسعيهم لمهاجمة مزيد من المساجد فسارعوا بعملية خاطفة يحاولون منها إظهار تماسكهم وقوتهم، بينما هم يعلمون أن نصرهم ليس بعدد الضحايا أبدا، لأن أرقام القتلى لا تعنيهم بل عدد العمليات المحبطة التي يظنون أنهم لو نفذوها لخلت لهم وجوه شياطينهم! ما نقرأ من وعيد وتهديد لأمننا و"إرعاد وإزباد" وتكفير لنا ولحياتنا يوضح أن أصحاب هذا الفكر مغيبون عن واقعهم إلا عن فكرة واحدة.. القتل لأجل القتل، والتدمير لأجل لذته! بعض المجرمين اليوم ما زالوا يحاولون ممارسة المزيد من القتل خارج أسوار السجون، وكذلك بعض المدانين في السجون بقضايا التخطيط للعمليات وترتيب تنفيذها، ولا نعلم ما تحمله الأيام المقبلة لدفع شرورهم، هل هم من المغرر بهم؟ ليكن ولكنهم لا يقبلون الرجوع إلى الحق بل يصرون على باطلهم والعياذ بالله، فما الحل؟ الحل باعتقادي محاسبة المذنب بأشد العقوبة، والاستمرار في كشف أوكارهم وتدمير خلاياهم. والله هو الحافظ والمعين. أخيرا الحياة هبة من الله والموت قضاء وقدر، ولا يملك الإنسان أمام الموت إلا خيارا واحدا هو الرضا والتسليم، لكن الذي بأيدينا أن نكون عينا تحرس ولا تغفل ولا تأمن لعدو جانبا. مَنّ الله بالشفاء على كل المصابين من أحبابنا وسلمهم من كل سوء.