على مدى أكثر من عقد من الزمان كانت ميامي بيتش تصعد بسرعة الصاروخ كوجهة لنمط الحياة العصرية مع العديد من المشاريع الثقافية الجادة، وهي تستعد الآن لتدشين أحد المشاريع الأكثر تفاؤلاً وطموحاً في أفق المدينة هو منطقة فاينا ديستريكت الجديدة كلياً التي جلبها آلان فاينا وهو من بين المستثمرين الأرجنتينيين الأكثر جرأة. وظلت مدينة ميامي بيتش في تامبا فلوريدا بالولايات المتحدة وجهة مفصلية ذات ألوان زاهية، مع مياهها الفيروزية وأشجار نخيل جوز الهند ذات الخضرة الزمردية، وواجهات المباني الوردية الموشاة بعبق لمسات فن الديكو، وطبقات لون الشفق البرتقالي حين يبدو قرص الشمس الضئيل في صفحة السماء من على حافة منطقة البحر الكاريبي في كل صباح جديد، ويعكس صخب الألوان الطبيعية وتلك التي صنعها البشر في هذا المكان الأمل والتفاؤل ونظرة التطلع للمضي قدماً بلا كلل. فاينا، الأرجنتيني المولد، هو رائد أعمال ومستبصر في شؤون الحياة الحضرية كما أنه مطوّر عقاري معروف بأنه نجح في الانتقال بأحد أحياء العاصمة الأرجنتينية الهامدة وهو ضاحية بويرتو ماديرو، في ذروة الركود الاقتصادي في البلاد، وتحويله من مكان يعج بالنفايات وصوامع الحبوب المهجورة في العام 2002 إلى ما هو عليه اليوم كأحد أحياء العاصمة الأكثر حيوية. ويضم فاينا ديستريكت كما أصبح يعرف اليوم في بيونس أيرس، فندق فاينا يونيفيرس من فئة خمس نجوم الذي افتتح في العام 2006 ومركز فاينا للفنون الملحق به ويحوي صالة للفنون الأدائية ومعرضاً فنياً وفاينا أليفا وهو برج سكني فاخر وفائق المعاصرة من تصميم فوستر آند بارتنرز وكلها تبعد مربعات قليلة من بعضها بعضا. وتمضي خطط فاينا لميامي بيتش إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير وتشمل العديد من اللاعبين الذين عملوا معه في مشروع بيونس أيرس أمثال لين بلافاتنيك، شريكه في الاستثمار الأوكراني المولد، وخيمينا كامينوس، الفنان والمستشار الفني وخبير المتاحف، كما أن هناك نورمان فوستر، المصمم الحائز جائزة بريتزكر، وهناك أيضاً الطاهي الأرجنتيني فرانسيس مالمان، وريم كولهاس، المعماري الهولندي البارز والمعروف بتصاميمه المبتكرة والغريبة أحياناً، والمخرج الأسترالي باز لورمان وزوجته وشريكة إبداعه كاثرين مارتن، الذين سيضعون التصاميم الداخلية لمجموعة المساكن الفاخرة في المنطقة. تم تجنيد كل أولئك للعمل على إنشاء منطقة فاينا ديستريكت الخاصة في ميامي بيتش التي تتبع منحنى كولينز أفنيو وتقع بين الشارعين 32 و33، وتتألف من مكونات تقليدية تعكس رؤية فاينا الشخصية لتصبح المنطقة الثانية من نوعها التي تحظى بتسمية رسمية في تاريخ ميامي باستثمارات تبلغ قيمتها مليار دولار وتحظى برعاية من رئيس البلدية في المدينة وترقبها العديد من أعين الفضوليين. يقع الفندق فاينا ميامي بيتش في مبنى ساكسوني متعدد الطوابق الذي تم تجديده وجرى خفض عدد غرفه من نحو 300 غرفة إلى 169 فقط، ليشمل من بين عوامل الجذب الأخرى صالة للمآدب تسع 300 شخص مستوحاة من كولون، ومطعماً أرجنتينياً (من بين ثلاثة) يقود العمل به الطاهي مالمان وفريقه، وستكون هناك ثلاث مجموعات من الشقق فائقة الفخامة 13 منها من تصميم لورمان ومارتن وستغطي الطوابق العليا للفندق بينما ستملأ 27 شقة أضلاع المبنى الأخرى، وفاينا هاوس المصنوع من الزجاج والصلب وهو عبارة عن برج من تصميم فوستر آند بارتنرز، وقد بيعت كل الشقق به. وسيكون هناك في المكان أيضاً فاينا فوروم من تصميم ريم كولهاس، وهو عبارة عن مركز للفنون البصرية والأدائية الذي ستكون له برامج ولاء مع أوبرا باريس وباليه سادلر ويلز تجري بوساطة من كامينوس الجيدة للغاية في الربط والاتصالات، وهناك سوق البيع بالتجزئة فاينا بازار الفريدة من نوعها في ميامي، وتضم مساحات متاجر حرفية صغيرة في شكل مخطط مفتوح يتكون من أربعة طوابق. ومن الواضح أن هناك نية لإنشاء مشروع تطويري فاخر وطموح وأصيل في نفس الوقت، وعلى الرغم من أنه سيكون نوعاً من الترف المتمرد، يطمح فاينا ليعكس عبره رؤية متماسكة لطريقة الحياة العصرية من وجهة نظره بتوظيف عناصر التصميم والفنون التي ستجعل السكان والزوار يقبلون على استخدام تلك المنطقة كما يأمل. ومع تاريخ من التسامح والتنوع يماثل ما هو موجود في نيويورك ولوس أنجلوس، كانت ميامي مكاناً للتأثيرات والتداخلات العرقية والثقافية والمعمارية والفنية منذ زمن، وكما تقول إيمي كابيلازو، وهي مؤسسة مشاركة ل آرت إيجينسي والشريكة والرئيسة العالمية السابقة في دار كريستيز وعاشت في ميامي بين الأعوام 1994 و2001 فإن ميامي كانت على الدوام مكاناً يسهل اختراقه، وقد اجتذبت الغرباء ورحبت بهم على الدوام كذلك، حيث لا يوجد بها هذا التسلسل الهرمي الاجتماعي عميق الجذور أو الراسخ مثلما هي الحال في المدن الأخرى. وعلى ذلك فإن المطورين وأصحاب ملكيات الفنادق هم من بين المهاجرين المرحب بهم كثيراً هنا حيث أنهم كانوا تاريخياً من عوامل تغيير المشهد في المدينة؛ وقد حول المستبصر الراحل توني غولدمان، من نيويورك الذي تولى تأهيل العديد من المباني في شارع هيوستن للمساعدة على صناعة حي سوهو، اهتمامه نحو ميامي بيتش في سنوات الثمانينات من القرن العشرين لينعش المدينة إلى جانب المطور المحلي كريغ روبينز، ثم جاء إيان شراغر الذي استحوذ في العام 1995 على فندق قديم في شارع كولينز اسمه ذا ديلانو وقام بتحويله بطريقة تشبه السحر إلى وجهة لأسلوب الحياة المميزة بالنسبة لسكان الساحل الشرقي الأمريكي، ليفترع طريق الاستراتيجيات المميزة لأصحاب الفنادق الفاخرة في ميامي بيتش والذين أصبح فاينا من بينهم. وجاء معرض آرت بازل ميامي بيتش، ولا يجادل أحد حول الدور الذي قام به ذلك المعرض في تزويد صعود ميامي بقوة الدفع اللازمة لجعلها وجهة مهمة على الصعيد العالمي منذ أن بدأه صامويل كيبر في العام 2002، والأثر الذي تركه على مشاريع التطوير العقاري من فنادق ووحدات سكنية ومتاحف بل وأحياء بأكملها. ويجمع معرض آرت بازل ميامي بيتش مزيجاً من البرامج التي انتشرت في مطلع الألفية الثالثة وتتمحور حول المعرض وجاذبية نسائم البحر الكاريبي بشواطئها ذات النخيل في ديسمبر، مثل ديزاين ميامي الذي شارك روبينز في تأسيسه. ويقول فيليب ليفين، رئيس بلدية ميامي بيتش إن آرت بازل ميامي بيتش هو في الواقع حجر الزاوية لتقويم الثقافة المعاصرة الذي قمنا بصناعته هنا، وقد كان حافزاً حقيقياً لي عندما توليت منصبي، وهو نوع من التوجيه من الخارج لنا بالتركيز على الإبداع أكثر. المنتجات الفريدة يفخر فيليب ليفين، وهو من كبار مؤيدي رجال الأعمال والمطورين العقاريين المستبصرين من أمثال فاينا، بالمنتجات الفريدة والخصائص المميزة التي توجد في ميامي بيتش، من المناخ المرحب بالاستثمار والتنوع الكبير والضرائب المنخفضة والعناصر الطبيعية المذهلة من شواطئ ومياه والطقس الرائع، والتي انضمت إليها مؤخراً مجموعة الفنادق والمنتجعات الجديدة الفاخرة من تصميم أشهر المعماريين في العالم، لتعيد صياغة ميامي بيتش كوجهة سياحية مرغوبة. وما أن يأتي نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حتى تصبح منطقة فاينا ديستركت بشكل رسمي جزءاً من روح ميامي بيتش المنفتحة المرحبة بالجميع من محبي المرح واللهو والثقافة. التحف الفنية تأسس ذلك الرمز الاجتماعي في البداية من قبل جامعي التحف المحليين البارزين أمثال دونالد وميرا روبيل، وروزا دي لا كروز الذين فتحوا منازلهم لاستقبال الضيوف للاستمتاع بمشاهدة التحف الفنية المعاصرة، وبينما كانت هناك 160 صالة ودوراً لعرض الفنون مشاركة في الحدث في العام 2002، مع حضور قائمة من المشاهير من أصحاب الدراية القليلة بالفنون الجميلة، ارتفع عدد المشاركين إلى 270 صالة عرض في العام 2014 جاءت من أكثر من 30 بلداً حول العالم، واجتذب المعرض 73 ألفاً من الزوار في ذلك العام، حيث جعل ذلك الحدث من ميامي بيتش عاصمة حقيقية لهواة جمع التحف الفنية.