×
محافظة الرياض

امير الرياض يضع حجر الاساس لمشروع القرية الترفيهيه للتراث والابل)

صورة الخبر

روما: محمد رُضا جاءت جوائز الدورة الثامنة من مهرجان روما، الذي أسدل ستارته بعد منتصف ليل الـ17 من هذا الشهر، لتمنح السينما الإيطالية بعض ما تحتاجه هذه الأيام من دعم. فالجائزة الأولى ذهبت إلى فيلم «TIR» الذي موّلته شركات إيطالية وكرواتية وأخرجه المخرج الإيطالي ألبرتو فاسولو. وهي الجائزة الوحيدة التي ذهبت إلى السينما الإيطالية، بينما تحلقت الجوائز الأخرى حول أعمال أوروبية وأميركية. فجائزة أفضل مخرج نالها الياباني كيوشي كوروساوا عن «الشيفرة السابعة» وجائزة لجنة التحكيم الخاصة ذهبت لفيلم روماني لم نجد له معنى إنجليزيا لعنوانه الأصلي وهو «Quod Erat Demonstrandum». جائزتا التمثيل ذهبت للأميركيين ماثيو ماكانوفي عن «نادي مشتري دالاس» وسكارلت جوهانسن عن دورها في «her». في حين وجدت اللجنة، التي ترأسها هذا العام المخرج الأميركي جيمس غراي، أن فيلم «أنا لست هو» للتركي تايفون بيريسلموغلو استحق جائزة سيناريو. هذا الفوز الإيطالي بالجائزة الأولى هو الثاني لها على مستوى المهرجانات المحلية الكبيرة، بعدما كانت خطفت جائزة «الأسد الذهبي» في مهرجان «فينيسيا» السابق عن فيلم «Sacro GRA» لجيانفرانكو روزي. كلاهما يستند إلى محاولة قراءة واقع إيطاليا على طريق من السفر وبأسلوب يمزج بين الروائي والتسجيلي. لكن كلا الفيلمين، خصوصا «TIR» (الأحرف الأولى من التعريف الفرنسي «Transport International Route» لمخرج اشتغل على الأفلام التسجيلية سابقا اسمه ألبرتو فاسولو) لن يستطع استثمار هذا النجاح خارج موطنه كون الحكاية محليّة وغير قابلة للسفر إلى ثقافات ودول أخرى. عندما قرر المخرج فاسولو الانتقال إلى الروائي عمد إلى تحقيق هذا الفيلم بنصف قلب لينفّذ واحدا من تلك الأفلام التي من السهل نسيانها بعد حين. كثير من النقاد هنا منحوه درجات متوسّطة وبعضهم استغرب أن تقوم لجنة التحكيم، التي قادها المخرج الأميركي جيمس غراي، بتتويجه بجائزتها الأولى. بطل الفيلم هو سائق شاحنة (يقوم به الممثل البوسني برانكو زافرزان الذي لعب بطولة «أرض لا أحد»، لدنيس دانوفيتش سنة 1987) يعمل لحساب شركة إيطالية عبر الطرق الأوروبية السريعة وعليه في غمار ساعة ونصف الساعة تقريبا، الانتقال عبر الأقاليم والمناطق والحدود بين الدول في قيادة شبه متواصلة. «تير» هو عن وحدة المسافر على الطريق. وهناك كثير من الوقت (كل الفيلم) يمضي ونحن نتابع الممثل يؤدي دور سائق حقيقي. يقود شاحنته والكاميرا على وجهه. يتوقّف أحيانا للحديث إلى سائقي شاحنات أخرى. يتصل بزوجته ليشكو لها وحدة الطريق ويمارس ما يمارسه كل سائق مسافات طويلة من مفارقات طبيعية كالطبخ أو غير طبيعية (كالحقن المخدرة). هذا جميعه على حساب الدراما التي لا تتطور حال تعريفنا به وسماعنا لخلفيته حين يذكّر زوجته أن السبب وراء قبوله هذا العمل هو أنه يجني منها أضعاف ما كان يجنيه كمدرس. لكن لا شيء يتحقق من وراء كل ذلك سوى تسجيل ما يدور لغاية تسجيل ما يدور! هناك إيحاء بالوضع الاقتصادي من خلال خلفية السائق، كما من خلال ذلك الرصد البطيء لأسلوب حياته وطبيعة حمله. هذا الوضع أكثر حضورا في فيلم جيوفاني فيرونيسي الجديد «الدولاب الخامس» الذي يستعرض نحو 45 سنة من الحياة الاجتماعية والسياسية الإيطالية، على غرار ما فعله المخرج الأميركي روبرت زميكيس حين قدّم سنة 1994 فيلمه الآسر «فورست جمب». * سرقة لا تتم * كذلك الفيلم أيضا، المنحى هنا كوميدي - درامي ومثله بطله (إليو جرمانو) رجل يتسلح بطبيعته البريئة التي لا تتغير وهو ينتقل بها وسط مراحل الحياة حتى خلال الأزمات. في رحلة الفيلم وبطله يطالعنا فيرونيسي بمواقف مأخوذة من أحداث حقيقية، مثل اغتيال رئيس الوزراء الإيطالي اليساري ألدو مورو في الستينات. وفساد الحزب الاشتراكي في التسعينات (فضيحة بتينو كراكسي) قبل أن يصل الفيلم في استعراضه للخلفيات السياسية هذه إلى مرحلة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني وفضائحه التي سادت الإعلام الإيطالي والعالمي. هذا يخلق جيوب اهتمام أكيد لكنه يبقى عابرا وبلا تأثير. بكلمات أخرى وقوف الفيلم عند هذه المحطات يخدمه كفكرة، لكنه لا يقفز إلى النص ليشكل وضعا دراميا مؤثرا. تبدأ الأحداث سنة 1967 حيث نتعرف على أرنستو كولد، فاشل في الرياضة وفي المدرسة، ويعامله والده على هذا النحو، فارضا عليه العمل معه. بالانتقال إلى أرنستو وقد غدا رجلا متزوّجا. يواصل الفيلم رصف كل مشكلات الحياة على كاهل بطله المتزوّج الآن من أنجيلا (أليسندرا ماستروناردي). فهو لا يزال غير قادر على إجادة أي عمل يقوم به، وعلى مواجهة مشكلات الحياة الاقتصادية والاجتماعية على نحو فاعل. بكلمة واحدة هو «دولاب خامس» كما كان يناديه والده، أي لا فائدة ترجى منه. الفيلم الإيطالي الثالث المتسابق هو «خذ خمسة» لغويدو لومباردي؛ حكاية سرقة مصرف نابولاتاني كتبها المخرج بنفسه. ربما بدت واعدة على الورق، لكن التنفيذ غدا أكثر فتورا مما ينبغي. منتج الفيلم غويتانو دي فايو يقوم بتمثيل دور سجين سابق لا يزال يعيش حياة الجريمة، وها هو يخطط لارتكاب سرقة مصرف. لكن الفيلم يتجنب خوض تفاصيل الخطة، ويجتاز المرحلة الفاصلة بين البداية وإتمام العملية بفترة زمنية قليلة. ما يهم المخرج هو ما يحدث بعد إتمام السرقة والدعوة للقاء يتم فيه توزيع الحصص المتفق عليها. الخمسة الذين اشتركوا في السرقة لهم شخصيات مثيرة للاهتمام، لكن قيام المخرج بالاستعانة بلفيف من الممثلين الذين لم يسبق لهم الوقوف أمام الكاميرا جعل العمل يترصع بأداءات باهتة. كذلك محاولته إيجاز ما سبق السرقة والتركيز على النتائج يلغي قدرا كبيرا من التشويق الذي عادة ما يصاحب مثل هذه الأفلام. طبعا، كان يمكن أن يبدأ الفيلم بالفصل الأخير منه، وبناء دراما تدور حول خمسة شخصيات قد تستطيع الالتقاء لتوزيع الغنيمة وتداول مشكلاتها من دون المرور (مشهديا) بالسرقة أساسا، ولو أن هذا كان سيخلق فيلما آخر (ربما أفضل) بالتأكيد. * أنطونيو وجابر * أفضل منه عملا «أجانب» (أو «رفاق أجانب» إذا ما أردنا الترجمة الحرفية لكلمتي Foreign Bodies) وهو فيلم لمخرج لم تتح لهذا الناقد مشاهدة عمليه السابقين. ميركو لوكاتيللي سبق وحقق أربعة أفلام بدءا من 2004. الفيلم الجديد من بطولة الممثل فيليبو تيمي، ابن 22 فيلما سابقا برهن فيها عن نضج سريع وموهبة يمكن الوثوق بها. العنوان مقصود به العرب من الأغراب الذين يثيرون اهتمام بطل الفيلم المواطن العادي أنطونيو. هو ابن محنة قاسية من مطلع الفيلم، عندما يطرق باب مستشفى حكومي في مدينة ميلانو ومعه طفله المصاب بالسرطان. مع حتمية بقائه إلى جانب طفله ومغادرة باقي أفراد العائلة المكان الموحش الذي يبدو مثل نفق يودي إلى الموت أكثر منه إلى الحياة، ما على أنطونيو، مطلع الأمر، سوى مراقبة صبي عربي اسمه يوسف (الفاروق عبد الله) في الجناح نفسه، فهو مصاب أيضا بالسرطان وينتظر إما شفاء محتملا أو موتا قريبا. في البداية يشعر أنطونيو بضيق المكان من جراء هذا الجوار العربي، لكن هذه الثقافة الآتية من الشاطئ الآخر تبدأ بإثارة اهتمامه، خصوصا بعد تعرّفه على صديق يوسف، شاب مغربي اسمه جابر (جوهر إبراهيم). لاحقا ما يكتشف الأب عالما كان بحاجة إليه. ثقافة من شأنها، كما يقترح الفيلم، تعويضه عن خسارة ابنه المحتملة. الإسلام مختلطا بالمنشأ العربي، يوحي الفيلم، هو نداء روحي جديد يفتح أفقا كان مسدودا أمام الإيطالي الآتي بأفكار مسبقة. يقوم جزء من الفيلم على تبادل ثقافي وإنساني. في الوقت الذي يتيح فيه جابر للإيطالي أنطونيو الغرف من وعاء متمايز، يبحث جابر عن سكينة تنقذه من الحاجة إلى الكنف الإنساني، وربما إلى عطف أبوي مفقود. هذه الطروحات الإنسانية والعاطفية ترسم خطوطا واضحة على الشاشة، لكنها لا تتكفّل بإزالة العوائق التي يبدو أن المخرج (كتب السيناريو مع زوجته غويديتا تارانتيللي) لا يعلم بوجودها. عوائق مثل أن ما نعرفه عمليا عن أنطونيو لا يعدو بضعة أسطر، مما يجعل مبرراته منقوصة، ومثل أن الوقت يمر بطيئا قبل الانتقال من نقطة إلى أخرى. وفي حين أنه أفضل من الأفلام الإيطالية الأخرى في أكثر من جانب، خصوصا على صعيدي التصوير والتمثيل، إلا أنه كان يحتاج لسيناريو يجيب عن الأسئلة قبل تنفيذه وتحويله إلى بصريات.