قطعت العملة الصينية الرينمنبي رحلة طويلة جداً منذ أن ألغت بكين ارتباط معدلات صرف العملات الأجنبية بالدولار قبل عشر سنوات. ويومها انهالت مدائح المحللين على الخطوة باعتبارها تفتح الباب أمام قوى السوق لتحديد معدلات الصرف وامتياز للشركاء التجاريين الذين يشتكون من انخفاض تقييم الرينمنبي. وبعد مرور عشر سنوات ورغم المكاسب التي حققتها العملة الصينية والتي تجاوزت ثلث قيمتها، لا يزال التدخل الحكومي أمراً واقعاً يومياً. ورغم أن خبراء الاقتصاد يتوقعون المزيد من الإجراءات الحكومية لتخفيف قبضتها على معدلات الصرف وعلى تدفق الرساميل خارج البلاد إلا أن وتيرة التغيير خلال السنوات العشر المقبلة ستكون أبطأ. وقد عبر رئيس البنك المركزي الصيني زهاو زياشوان عن رؤيته لهذا الأمر بكل وضوح عندما قال إن تحويل الحسابات الجارية وهو المصطلح الذي يقصد به حرية انتقال الرساميل عبر الحدود، متوقف على طبيعة المعايير التي تحكم حركة الرساميل. وهذا يعني أن اعتقاده بإمكانية تحقيق تحويل الحسابات هذا العام يفيد بأن الإجراءات المطلوبة بهذا الخصوص قد تم الإعلان عنها وانتهى الأمر. وتماماً مثلما أعلنت خطة تحرير معدلات الصرف عام 2005 تحت عنوان التعويم الموجه سوف يحمل العقد المقبل عنوان التحويل الموجه فيما يتعلق بحركة الأموال عبر الحدود. والعبرة المستفادة من ذلك هي أن الأدوات المالية تستخدم فقط عندما ينتج عنها فوائد ملموسة. أما عندما تتسبب قوى السوق بالإزعاج فالحكومة جاهزة للتدخل كما حدث إبان زوبعة الأسهم الأخيرة. ومن الأمثلة الأخرى الشديدة الوضوح ما حصل عام 2005 عند فك ارتباط أسعار الصرف بالدولار. فقد اعتقدت الحكومة الصينية أن العملة القوية لا بد أن تشجع التوازن في الاقتصاد لصالح الاستهلاك الداخلي بعيداً عن الاتكال على الاستثمارات والصادرات. إلا أن أزمة عام 2008 المالية التي وضعت الاستقرار في مقدمة أولوياتها، دفعتها لتجميد معدلات صرف العملة لمدة عامين. وأعاد أداء العملة الصينية هذا العام إلى أذهان الحكومة ضرورة ربط الإصلاحات بوقائع الأسواق على الأرض. وعندما هبت عواصف الأسواق المالية في مارس/ آذار الماضي متزامنة مع نزيف الاستثمارات خارج الصين وأزمة ديون اليونان حافظ الرينمنبي على قيمته مقابل الدولار بين 6.22 و6.20 رينمنبي. ويقول المحللون إن المخاوف من هروب الاستثمارات هو الذي دفع البنك المركزي لتشديد القيود على معدلات صرف العملات. وحتى مع ارتفاع الفائض في الميزان التجاري الصيني إلى 263 دولاراً خلال النصف الأول من عام 2015 تراجعت احتياطياتها من القطع الأجنبية 150 مليار دولار.وهذا يعني أن عوائد التجارة تضررت بهروب الاستثمارات وهذا مؤشر على تراجع الثقة. ويجمع المحللون على أن بكين سوف تستمر في استخدام المعايير الآنية لتخفيف القيود على حركة الأموال عبر الحدود والسماح بدرجة مرونة أكبر في معدلات الصرف.