طالب أمس الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش الليبي، قادته العسكريين بحسم القتال في محاورهم بمدينة بنغازي في شرق ليبيا، تمهيدا لإعلان انتهاء المعارك في تلك المناطق التي قال إن «الإرهابيين يرقصون فيها الآن»، ما وصفه بـ«رقصة الديك المذبوح». وجاءت تصريحات حفتر، التي نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، لدى لقائه بمقر قيادته بمدينة المرج مع قادة محوري القتال في منطقتي الصابري وسوق الحوت بمدينة بنغازي، الذين تعهدوا في المقابل بحسم المعركة في أقرب وقت ممكن. وتزامنت التصريحات مع إعراب رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني عن رفض حكومته مجددا أي تدخل عسكري أجنبي على الأراضي الليبية، معتبرا أن «هذا الأمر يمس السيادة ولن يقبل الشعب الليبي به». وقال الثني في تصريحات لوسائل إعلام إيطالية وزعها مكتبه على الصحافيين، إن بلاده ترحب بالتعاون مع مختلف الدول، شرط الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد. وعد الثني حكومة الإنقاذ الوطني غير المعترف بها دوليا، والتي تسيطر على العاصمة طرابلس، بمثابة «حكومة غير شرعية»، ووصفها بأنها «عبارة عن جماعة خارجة عن الشرعية والقانون». من جهة أخرى، قال المجلس البلدي لمدينة بنغازي، إنه يتخوف من انتشار الأمراض بسبب فساد شحنات دواجن ولحوم ومواد غذائية مستوردة موجودة في حاويات راسية، تركت تتعفن لأشهر بالميناء التجاري المغلق بالمدينة، بسبب المعارك المسلحة بين قوات الجيش والجماعات الإرهابية. وجرى تخزين لحوم وخضراوات ومنتجات ألبان مستوردة في حاويات في الميناء منذ إغلاقه في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، عندما وصل القتال إلى منطقة وسط المدينة. ولم يتم تسليم أي من تلك الحاويات إلى الزبائن. وقال مسؤولون إن عمال الميناء قاموا بتخزين جزء من الشحنات في مبردات، لكنها توقفت عن العمل بسبب انقطاعات يومية للكهرباء. وأصبحت الرائحة العفنة سيئة حتى إنها وصلت إلى أنوف سكان يقيمون خارج منطقة الميناء. وقال عضو البلدية عوض القويري إن هناك كميات كبيرة من الحاويات تحوي دواجن مستوردة ولحوما ومواد غذائية فسدت بسبب انقطاع التيار الكهربائي لمدة عام عن الميناء وعدم قدرة الجهات المختصة على إعدام تلك الشحنات. وتشهد ثاني أكبر مدينة في ليبيا قتالا منذ أكثر من عام بين القوات الموالية للحكومة الرسمية التي مقرها شرق البلاد وجماعات إسلامية ضمن الفوضى التي لا تزال تعصف بالبلد المنتج للنفط بعد أربع سنوات من الإطاحة بالقذافي. وقال مسؤول بقطاع الصحة في بنغازي إن الأمراض ستنتشر إذا لم يتم إعدام تلك الأغذية. بينما قال مسؤولون إن بعض منشات تخزين اللحوم في المدينة توقفت عن العمل بعد انقطاع الكهرباء لمدة 26 ساعة منذ يوم الأحد الماضي. وقال متحدث باسم شركة الكهرباء التابعة للدولة إن الشبكة توشك على الانهيار مع تعذر الوصول إلى بضع محطات للتوليد أصيبت بأضرار بسبب القتال الذي عطل واردات القمح والسلع الغذائية إلى شرق ليبيا، مما أجبر المستوردين على جلب الأغذية عبر مصر أو طبرق وهو ميناء صغير في شرق البلاد. في غضون ذلك، وفي محاولة للتخفيف من فضيحة انتشار فيديو تعذيب لبعض المعتقلين داخل سجن الهضبة بالعاصمة طرابلس، أبرزهم الساعدي النجل الثالث للقذافي، أعلن الادعاء العام الليبي أنه يحقق في الأمر. وقال قسم الإعلام بمكتب النائب العام، في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على موقع التوصل الاجتماعي فيسبوك، إن النائب العام أصدر تعليماته بتكليف عضو النيابة بالتحقيق حول ما نشر من شريط يظهر فيه المتهم الساعدي القذافي يتعرض للإهانة والضرب. وزعم أن «التحقيق قد بدأ بالفعل في هذه الواقعة بتفريع محتوى الشريط بأوراق التحقيق والتحقق منه للتعرف على من ظهرت صورهم بالشريط واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال كل من يثبت تورطه في هذا الاعتداء». ونشر الفيديو بعد أسبوع من حكم محكمة في طرابلس بالإعدام على سيف الإسلام شقيق الساعدي وعلى ثمانية آخرين من مسؤولي النظام السابق في جرائم ارتكبت خلال انتفاضة 2011 التي أنهت حكم والدهما القذافي الذي ألقى مسلحون القبض عليه وقتلوه في نهاية العام نفسه. وفي الفيديو يتعرض الساعدي للضرب على الوجه أثناء استجوابه، وبعدها ظهر وقدماه مقيدتان. كما أجبر الساعدي في الفيديو على الاستماع لصراخ مساجين آخرين يُضربون أمام الغرفة التي احتجز فيها. وقال جو ستورك، نائب مدير منظمة «هيومان رايتس ووتش»، لـ«الشرق الأوسط»: «الفيديو الذي يظهر فيه الاعتداء بالضرب على سجناء يثير مخاوف حقيقية بشأن الأساليب المستخدمة للتحقيق مع الساعدي القذافي ومحتجزين آخرين في سجن الهضبة». وبعد فراره من ليبيا في 2011 ظل الساعدي قيد الإقامة الجبرية في نيامي عاصمة النيجر حتى ترحيله، علما بأنه قضى بعض الوقت يلعب كرة القدم في إيطاليا وعاش حياة عابثة أثناء حكم أبيه.