×
محافظة المنطقة الشرقية

جدل في "تويتر" عقب مشاركة زوج الفنانة" أحلام" والمطرب الجريني بغسل الكعبة

صورة الخبر

في أولى مراحل وعيي كنت مهجوسة بالبحث عن معنى الجملة التالية: (حروب الآخرين على أرضنا) التي كانت تتردَّد كثيراً، حينما يتم الحديث عن لبنان أو بين اللبنانيين في حديثهم عن مرحلة زمنية وضعت لبنان في دائرة الموت اليومي! قيل لي وقتها إنها تعني أن الآخرين الذين هم أنظمة الدول الأخرى القريبة والبعيدة عن لبنان يديرون صراعاتهم السياسية والاقتصادية على الأرض اللبنانية عبر الحرب الأهلية التي كانت دائرة هناك، ولكن كان عليَّ في ذلك الوقت أن أسأل السؤال الذي ما زال يؤرقني حتى اللحظة: كيف يقبل اللبنانيون أن يدخلوا في حرب لبنانية لبنانية وفي دائرة القتل اليومي تلك لأبناء البلد الواحد من أجل مصالح الآخرين؟ كان ذلك وقتها مجرد سؤال دون خلفيات، ثم تحوَّل لاحقاً إلى سؤال وجودي ربما أو أخلاقي، لا يهم لكنه سؤالي الإنساني: ما الذي يجعل ابن بلد ما يقتل ابن نفس البلد من أجل أي كان؟ كيف يرضى شخص ما أن يتحوَّل إلى قاتل لمجرد أن أحدهم استطاع إقناعه بفكرة لا تمت للحقيقة بأية صلة، كأن يخبره مثلا أن ابن الدين المختلف عن دينك هو كافر والكفر يستوجب القتل، أو أن المذهب المختلف عن مذهبك يؤمن أن قتلك هو من أصول المذهب فعليك إذا أن تستبقه وتدافع عن نفسك ضد أبناء ذلك المذهب، أو أن وجود الزعيم الفلاني على رأس سلطته هو السبيل الوحيد لحمايتك وحماية مصالحك فعليك بالقتل دفاعاً عن وجوده ووجودك، أو هذا الحزب الذي تنتمي إليه هو صوت الحق ويتعرض لهجمة تآمرية ودفاعاً عن الحق عليك أن تقتل من يتآمر عليه؟ هكذا تبدأ دائرة القتل والقتل المضاد بين أبناء البلد الواحد بحجة امتلاك كل منهم اليقينَ الكامل والنهائي دون منح العقل أية فرصة للتفكير أو التحليل، وهكذا يعم الخراب وترتفع تلال الجثث ومقابلها ترتفع أرباح بورصات مصالح تجَّار السلاح والدم والسياسة والدين، كيف يمكن استخدام البشر هكذا من أجل مصلحة قلة ما أو سياسة دول ما؟ من يحق له استخدام البشر وقوداً بهذه الطريقة؟ هذه الأسئلة تعود إلي الآن وبمنحى أشد إيلاماً، فحروب الآخرين تلك أصبحت في بلدي ودائرة القتل اليومي طالت كل مَنْ أعرفه وأحبه، والمؤلم أكثر أنه لا أحد من السوريين كان ينوي أن تصل الحال إلى ما وصلت إليه، كان هناك شعب يعاني كل أنواع القمع والقهر والذل وخرج مطالبا بالتغيير، فلم يبق شيء لم يتم اتهامه به ولم تبق وسيلة عنف وقتل لم تستخدم ضده، ولم يبق من يستطيع الشراء ولم يحاول شراء ثورته كي يستفيد منها ولم تبق خطة لتمزيق هذا الشعب إلا وطبقت عليه!! هل ما يحصل هو حروب الآخرين على أرضنا؟! يمكننا ببساطة أن نقول هذا، وهو القول الأقل كلفة ضميرية وأخلاقية، لكن الحقيقة أنها حربنا الداخلية، حربنا نحن ضد أنفسنا، لم نستطع أن نظهر ما تركته عقود الاستبداد الطويلة إلا بهذا العنف، لم نستطع أن ندفع جانباً استخدام الاستبداد وحلفائه لنا حتى هذه اللحظة، ننساق لما يريدونه ونحن نؤمن بأننا وطنيون، معارضون للاستبداد وموالون له، لا فرق، نحن نستخدم السلاح دفاعاً عن هذا الاستبداد أو دفاعا عن أنفسنا ضده أو دفاعاً عن بقاياه في دواخلنا، وإن لم نستخدم السلاح فنحن نستخدم القطيعة مع الأخ أو الحبيب أو الجار أو الابن لمجرد اختلافه عنا ونستخدم ضده خطاباً عنفياً لا يقل سطوة عن السلاح، هكذا نؤسس يومياً لحرب أهلية ونحن نرفض تسميتها هكذا ونرفض تصديقها، لكننا نذهب إليها صاغرين ونتهم الآخرين أنهم يخوضون حروبهم على أرضنا وبنا، وعلى الرغم من أن هذا الاتهام به شيء من الحقيقة إلا أن المشكلة فينا في قدرتنا على بيع أنفسنا لمن يدفع أكثر، والدفع ليس دائماً مادياً، هناك دفع معنوي نفسي، كأن نباع لمن يغذي فينا بذرة انتماءاتنا الضيقة ويلعب داخلنا على نقطة الضعف تلك، أو أن ننجر لمن يعدنا بوهم الخلاص، دون أن نسأل ما المقابل، أو أن ننقاد لفكرة الخوف من الفناء فنتمسك بكل من يتهيأ لنا أن وجوده سبب وجودنا حتى لو طلب منا القتل، وهكذا ندور حيث يريد الآخرون ثم يصنفون ما نحن به بحرب أهلية ونذهب إليها نحن صاغرين حتى لو لم نكن منتبهين، بل المشكلة هي أننا غير منتبهين إلى الهاوية التي ندفع بالبلد إليها ولقوة الدفع سنسقط جميعاً، نحن والبلد، في تلك الهاوية، فهل سنتراجع عن هذا الدفع قبل فوات الأوان؟!.