جدة – بخيت طالع الزهراني قدّم الأستاذ الدكتور معجب بن سعيد الزهراني خلال الحلقة النقدية التي نظمها نادي جدة الأدبي , قدم ورقة نقدية بعنوان (الخطاب العلمي في الثقافة العربية) أشار فيها إلى أن ضعف الخطاب العلمي ظاهرة تعد من أبرز علامات التخلف الحضاري العام ومن أقوى أسبابه. وقد تنقل الباحث في الورقة العلمية التي أعدها بين عدد من مظاهر وتجليات ضعف الخطاب العلمي في الثقافة ومحدودية تأثيره في أنشطة الحياة اليومية، وفي مقدمتها مجالات العمل والإنتاج. وقد ركز المحاضر على الإحصائيات التي تظهر مدى تنامي هذه الظاهرة في مجتمعاتنا، مؤكدا على أهمية الجانب الإحصائي في إبراز الظواهر والوقوف على آثارها. وقال الدكتور معجب وحين نطل على الواقع الراهن سنجد معلومات إحصائية أكثر دقة تدل على أن ضعف الخطاب العلمي ظاهرة مستحكمة في ثقافتنا مما يعني أن الأزمات التي تنتج عن هذه الوضعية متنوعة وستظل في سيروة تصاعد ما لم يتغير الوضع القائم . ولو تساءلنا عن أكثر الخطابات حضورا وتأثيرا في مجالسنا وجوامعنا ومدارسنا وجامعاتنا لما اختلفت الإجابات كثيرا في ظني . إنه يتمثل في هذه الثقافة التقليدية التي تختلط فيها التصورات الشعبية العتيقة بالتصورات الدينية المقدسة وتنتشر في البوادي والأرياف والمدن الكبرى ويمكن أن توصف إجمالا بأنها ” ما قبل علمية ” . وهي بهذا الوصف لأنها لا تزال تحمل وتنقل عن الزمن والطبيعة والإنسان والحياة والموت رؤى خرافية أسطورية تجاوزها الفكر الحديث والعلم الحديث بكل تأكيد. وابان الدكتور معجب بان نظرتها للإنسان داخل فضاءاتها ليست أقل تنافرا مع أفكار العصر وقيمه و استحقاقاته . فالفرد مجرد خلية في جسد الجماعة القرابية أو الدينية ، واستقلاله بذاته الخاصة عن العائلة والعشيرة والطائفة مكروه أو مرفوض لأنه لن يخلو من شبهة عقوق و مروق وضلال . والمجتمع مثقل بأعراف وقيم تشجع أو تبرر الزواج المبكر ، والتكاثر غير المنظم ، وتحاصر المرأة بحسبانها عارا وعورة ، وتحط من شأن الآخر المختلف عرقيا أو دينيا . وهذه كلها قيم تسلطية مضادة لمبادئ وحقوق أساسية في أي مجتمع حديث كالحرية والعدالة والمساواة. وقال الزهراني قد تكون الثقافات الشعبية – رعوية كانت أو فلاحية أو حرفية – أكثر عتاقة وجمودا من غيرها ، لكنها تتقبل النقد والمراجعة ، بل إنها كثيرا ما تتحول بمرونة إلى مسارات جديدة حينما تتغير الوضعيات والمصالح لأنها ثقافة دنيوية بشرية أي أنها ” علمانية فطرية ” بمعنى ما . لكن الأمر يختلف كثيرا بالنسبة للثقافات الدينية ، وبغض النظر عن طوائفها ومذاهبها ، لأنها تقاوم كل تغيير جذري ، ولا تقبل التجديد إلا بقدر ما يمثل عودة معلنة أو ضمنية إلى الأصل المقدس ، وتصل الأزمة ذروتها حين تتحول هذه الثقافة تحديدا إلى إيديولوجيا رسمية للدولة . وقال الدكتور معجب بان التغير الجذري في دور النخب السياسية وحليفتها الدينية هو وحده هو ما سينفي أطروحتنا المتشائمة التي بدأنا بها . فتضخم الخطاب الديني وهيمنته سيعني شيئا واحدا : تكريس المفاهيم والمصطلحات والمقولات العتيقة المتناقضة مع الفكر الحديث والخطاب العلمي الحديث . والنتيجة الوحيدة المختبرة المجربة لوضعية كهذه هي تراكم معضلات التخلف في واقعنا حتى ينحط الجميع إلى وضعية المجتمع الفاشل , والثقافة الفاشلة . وقد شهدت الجلسة الحوارية التي أدارها الدكتور محمد ربيع الغامدي مداخلات عدد كبير من النقاد الحاضرين، منهم الدكتور سعيد السريحي، والناقد علي الشدوي، والدكتورة فاطمة إلياس، والدكتور بدر العتيبي والدكتورة علياء العمري، والدكتور محمد صالح ناحي، والأستاذ سعيد الغامدي، والدكتور نعمان كدوة، والدكتور محمد عبد الدايم، والأستاذة حنان بياري.