سوء معاملة النزلاء في مراكز التأهيل التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية أصبح خبراً عادياً جداً مع الأسف وأخشى أن تمتنع الصحف عن نشره؛ لأنه أصبح خبراً معتاداً ومتكرراً، أتذكر أول خبر لسوء المعاملة، وكيف كان وقعه على الشارع قبل أن تروّض الوزارة الكريمة إنسانيتنا وتجعل خبر تأهيل وادي الدواسر يمر علينا كخبر متوقع، قرأناه بتعاطف ثم قلبنا الصفحة. لم يستوقفنا الخبر بالقدر الذي فعله تصريح المتحدث الرسمي لوزارة الشؤون الاجتماعية؛ إذ يقول (حسب جريدة «الشرق» العدد 711): «الوزارة شكلت على الفور لجنة سرية بدأت مهام عملها أمس الأربعاء بالوقوف على مركز التأهيل الشامل في محافظة وادي الدواسر لتقصي الحقائق وتحليل المقطع ومعرفة من تعمد نشره بطريقة كيدية سواء كان أحد العمالة في المركز أو من الموظفين السعوديين». لا أدري لم (السريّة)؟ هل لأن الكلمة تعطي انطباعاً مهيباً خاصة في دول العالم الثالث؟ المهم أن اللجنة السرية وتقصّي الحقائق لم تكن لغرض معالجة (سوء معاملة النزيل) بل لمعرفة من تعمّد نشر المقطع المصوّر بطريقة كيدية! جميل أن تكون لدى وزارة الشؤون الاجتماعية ذائقة أدبية، وقد أحسنت صنعاً في (حسن التخلّص) والانتقال بسلاسة لا يلحظها القارئ بين الموضوع الأصلي (الإساءة للنزيل) وبين موضوعها هي (تعمّد نشر مقطع بطريقة كيدية)، وأنا هُنا أُقر بذكاء طريقة الوزارة، فها هي تجعلني متماهياً بالتفكير معها بطريقة نشر المقطع هل كان بطريقة كيدية أم لا؟ «طيب».. والنزيل الذي تعرّض للإساءة؟ الجواب أن الأهم هو معرفة من نشر المقطع وتأديبه على عمله (الكيدي) كي (يتوب) عن النشر، فلو لم ينتشر المقطع لاكتفت الوزارة (بالنفي)؛ لهذا وجب تشكيل لجان لمعرفة (الكائد) الذي يحمل دليل الإدانة! لهذا ستكون نتائج (لجنة تقصّي الحقائق) وهذه للأمانة جملة سياسية مُهيبة، وسيطول انتظار النتائج إن كانت هناك ثمة نتائج، لكنني سأُسرّب المعلومات التي (ستتوصل) إليها اللجنة، وذلك بحسب قُربي من (الأخضر الإبراهيمي!)، فالنتيجة ستشير إلى أن من سرّب المقطع هو موظف كثير الغياب وصدر بحقه كثير من الإنذارات، وكان لا مبالياً؛ لذلك تم فصله من المركز، ونشر المقطع بطريقة كيدية وشخصيّة لتصفية الحسابات. وتقول (مصادري غير المطّلِعة) أن الوزارة بصدد إصدار قرار يمنع دخول (الجوال أبو كاميرا) و(الكائدين) في مراكز التأهيل الشامل حفاظاً على خصوصية الإساءة للنزلاء!