ظهيرة اليوم الاول من رمضان وفيما يعج الشارع التجاري في الحي القريب نوعا ما من بيتي بحركة تجارية نشطة، يشهدها منذ ثلاثين عاما أو تزيد، توقفت قليلا، وفي ذهني كيف بدايات هذا السوق ومن فيه. كنت في «العقربية»، محال تموين غذائي، بنشر سيارات، فوال، حلاقون، محال خضار، مطاعم، بوفيات، محال كهرباء، مكتب تخليص حكومي، كل احتياجاتك موجودة في هذا السوق. لكن كان المحل الاخير «مكتب تخليص حكومي»، هو المحل الوحيد الذي يديره سعودي ويعمل فيه سعودي ويملكه سعودي، عدا هذا فكل ما في السوق وكل ما فيه من بضائع ملك لإخواننا الوافدين كل محل فيه هو ملك لوافدين، فقط الترخيص الذي معلق على الجدار بصورة مواطن، هو ما نملكه فقط. تخيلوا الأحياء الاخرى البعيدة عنه، بل تخيلوا احياء الدمام وأسواقها الكبيرة الضخمة، القطيف، الرياض، وجدة، المدن جميعها، والهجر، تلك الاقتصادات الضخمة يملكها الوافدون، وما هو ملطوع على الجدار من تصريح ما هو الا شرعية زائفة، تطورت كثقافة لدى المواطن بإعطاء نسبة للكفيل المواطن، وجعلت من الوافدين ينشئون كيانات مترابطة، لا يستطيع من يريد الترزق من المواطنين اختراقها. كلنا نعرف ذلك، التجارة تعرف ذلك، البلديات تعرف ذلك، ووزارة العمل تعرف ذلك، لقد جررنا الى هذه الثقافة منذ زمن بعيد، حين لم يكن في المجتمع من هو مستعد للعمل كبائع إما لنقص الخبرة او المال، لقد كانت الوظيفة حينها أضمن، لكن تبدل الوقت والظرف وهذه الكيانات تكبر وتكبر لتشكل «مافيا» لها سوقها المحدد واحتكارها المحدد. هذه حقيقة وان كانت مؤلمة، تشاركنا بها دول الخليج الشقيقة، لكننا الشقيقة الكبرى، فعدد سكاننا الأكبر وطبيعي ذلك، لذا نحن الشق الأكبر، نحن الأكبر بطالة ونحن الأكثر بعدد الوافدين، هنا لا أنقل الا مشهدا مكررا ومملا، لا أنقل حلولا، ولا أنقل معالجة حكومية عبر اربعة وزراء عمل، فقط مشهد من الشارع، هذا يكفي.