حجرتها إلى جوار حجرتي فوق السطوح. مكشوفة بالكامل حين يُفتح بابها. والباب تتركه مفتوحاً دائماً فأسمع ما يجري بداخلها. والولد تتركه لي ككل يوم! ورديتي تبدأ في ساعة متأخرة من الليل. أقضي النهار في مراقبة الولد. تقول إنها تعمل كوافيرة. تغيب حتى منتصف الليل. وأكون في استعدادي لتسلم ورديتي. تأتي مهرولة. تسألني: الولد تعبك... اعذرني ممنوع آخده معايا الشغل. أبتسم في هدوء وأمضي لعملي. في الصباح حين أعود أجدها تنتظرني لتسلمني الولد. توصيني عليه وتمضي في سرعة. تقول وهي تهبط درجات السلم: أكله جاهز لو جاع. خد بالك يسهيك ويخرج للشارع. يختفي صوتها فألتفت للولد. هو في قعدته لا يزال على صمته بينما ركز عينيه على شاشة التلفزيون التي تتركه دوماً مفتوحاً. الولد يعاني من توحد. أحاول مداعبته فلا يستجيب. أجلس إلى جواره فيأخذني النوم. أستيقظ لأجده ما زال في قعدته لم يغيرها. أسأله: هل يأكل. يهز رأسه بالموافقة. أسخن له الأكل وأطعمه. يتمدد في مكانه نائماً فأعود إلى حجرتي وقد تركت باب حجرتها مفتوحاً لأرقبه إن استيقظ. يقضي أغلب النهار نائماً. بينما أكون قد أنهيت حاجياتي. تأتي أيام ولا تعود. وأقول ربما موسم اضطرها للمبيت في العمل. أطعم الولد وأغلق باب الحجرة واذهب إلى ورديتي. أضع لها مفتاح الحجرة تحت (المشَّاية) كما تعودنا حين تغيب أو أتأخر عليها في العودة. يوم أو يومان وتعود. تكلمني من دون أن تنظر نحوي: ظروف اضطرتني أبات. معلش ليلة خميس كلها شغل. عارفة إني باتقل عليك. اعذرني. تنسحب إلى حجرتها وتترك الباب مفتوحاً. اسمعها تداعب الولد في حزن... فأدخل حجرتي وأنام. في الليل أسحب مقعداً إلى السطوح. تحلو لي مراقبة الناس من هناك. تراني في قعدتي فتسحب مقعداً وتجلس إلى جواري. تخرج علبة سجائر وتسحب منها سيجارة وتشعلها لي. آخذها من دون كلام. تشعل لنفسها سيجارة وتزفر دخانها في غضب. يسود بيننا صمت تكسره هي:- الولد نام. تحب أدخل أغسل لك حاجة أو نقعد نتكلم شوية؟ أكتفي بالصمت بينما سيجارتي قاربت على الانتهاء. تقول هي بعد لحظة: آه لو بس أعرف مكان أبوه. سابه لي وهرب بعد ما عرف أنه متخلف. بيقول إنه مش ابنه. آه بس لو أعرف مكانه... اسيبه له وأعيش حياتي. بالصمت ألوذ. وفي صمت تنسحب. تقف عند باب حجرتها وتلتفت لي: سهرانة لو فكرت نتكلم شوية. محتاجة اتكلم. تتمدد إلى جوار الولد، بينما صوت بكائها يصلني في وضوح.