دعا تقرير اقتصادي حديث إلى ضرورة إلغاء الإعانات في دول الخليج وفق خطة تدريجية لتلافي أي آثار سلبية مستقبلية للقرار. ونوهت شركة الخبير المالية بقرار دولة الإمارات المتحدة رفع الدعم الحكومي على أسعار الوقود المستخدم في النقل والمواصلات اعتبارا من 1 أغسطس الجاري، مشيرة إلى أن النفط يمثل حوالى 90% من إجمالي الإيرادات المالية في بعض دول مجلس التعاون الخليجي. ومع التراجع الحاد في أسعاره أصبحت اقتصادات الشرق الأوسط تواجه أكثر من أي وقت مضى حاجة متزايدة إلى تقليص الإعانات. كما أن سعر التعادل النفطي، وهو سعر النفط المتوقع أن يتحقق عنده توازن الميزانية التقديرية للدولة، آخذ في الارتفاع باستمرار في الدول الخليجية المنتجة للنفط. وأشار التقرير إلى أن استمرار الضغوط في السوق النفطية يمكن أن يجبر الحكومات الخليجية على تنفيذ إصلاحات تهدف إلى اعتماد نظام مالي جديد، مشيرا إلى أن الخطوة الإماراتية يمكن أن تشكل سابقة، ومن المحتمل أن تدفع الحكومات الأخرى إلى مجاراتها، غير أن العوامل الوطنية المحلية يمكن أن تؤثر على مدى الإصلاحات التي يمكن تنفيذها. وأشار التقرير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تنفرد بأعلى الإعانات الحكومية للفرد مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى موضحا أن قطر تقدم أعلى إعانة طاقة للفرد في العالم، ومن المتوقع أن يصل مجموع إعانات الطاقة فيها (بعد الضريبة) إلى ما يقدر بمبلغ 6000 دولار أمريكي للفرد في العام 2015، كما أن إعانات البنزين في السعودية والكويت تزيد على 70% من مجموع الإعانات بعد الضريبة أما في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى كالإمارات وسلطنة عمان، تمثل الإعانات على الكهرباء والغاز الطبيعي نسبة كبيرة من مجموع الإعانات، وتوقع صندوق النقد الدولي أن تنفق دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة ما يقرب من 360 مليار دولار أمريكي على الإعانات بعد الضريبة، ومن المرجح أن تصل هذه الإعانات إلى 6.75% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة الجارية. وأوضح أنه نتج عن هذه الإعانات أسعار تجزئة للوقود أقل بكثير من المستويات المتعارف عليها عالميا، مشيرا إلى أن سعر البنزين الممتاز الخالي من الرصاص في الإمارات يبلغ حاليا حوالى 40% أقل من الأسعار السائدة في محطات الوقود بالولايات المتحدة الأمريكية، بينما نجد أن أسعار البنزين في السعودية لا تتجاوز 0.15 دولار أمريكي لكل ليتر. ولفت التقرير إلى نمو الاستهلاك المحلي للنفط في السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت مجتمعة بنسبة 5.4% سنويا على مدى الفترة من العام 2004 إلى العام 2014، أي بما يفوق معدل نمو الاستهلاك في أسرع اقتصادات العالم نموا كالصين والهند. كما أظهرت البيانات الصادرة من هيئة معلومات الطاقة أن متوسط استهلاك الطاقة المحلي للفرد في بلد المنشأ في دول مجلس التعاون الخليجي الست قد بلغ 529.5 مليون وحدة حرارية بريطانية للفرد في العام 2011، أي أعلى بشكل ملحوظ من متوسط استهلاك الفرد في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ 191 مليون وحدة حرارية بريطانية للفرد في نفس السنة. وكشفت دراسات مختلفة أن إعانات الطاقة لم تحقق أي منفعة ملموسة لشرائح المجتمع الأضعف. وأظهرت الأدلة التاريخية أن زيادة الاعتماد على الإعانات السخية تؤدي في الغالب إلى ثقافة انعدام كفاءة وهدر وإلى تأثير سلبي على البيئة داعية الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لدراسة سبل إلغاء جميع أشكال الإعانات على الوقود الأحفوري، مع امكانية تنفيذ ذلك على مراحل، ولاتزال شركات النفط التي تملكها الدولة في المملكة تقدم الغاز الطبيعي والمواد الخام الأخرى بأسعار منخفضة لدعم أنشطة الصناعات الاشتقاقية، ولكي تتمكن الحكومات الخليجية من تفادي أي تأثير سلبي غير متكرر على المستهلكين، يمكنها تنفيذ هذه التدابير على مراحل، بما يشبه الإصلاحات التي تم تنفيذها في الهند، من أجل تخفيف التأثير على المستهلكين.