وجه خادم الحرمين الشريفين أيده الله مجلس الوزراء مؤخراً بمناقشة وإقرار مشاريع أنظمة المرافعات أمام ديوان المظالم والمرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية تمهيدا لاعتمادها. هذا التوجيه السامي آتى استشعارا بكفاية ما بذل من جهد ووقت لدراستهما. إن تحقق القناعة البشرية التامة بشمولية وديمومة القوانين غير متصور، مع أنها نتاج ذهنه وثمرة فكره، ولنا في إصدار الأنظمة العدلية وما مرت به من مرحلة أخذ وشد قبل إقرارها لأول مرة تجربة فريدة، التي ما أن صدرت حتى أصبح المعترضون عليها أول من يتشبَّث بها. فالنقص صفة لازمة في القوانين مهما بُذل فيها من جهد لإخراجها بصورة «الكمال». وهنا تظهر أهمية الحاجة إلى سرعة إقرارها وزيارتها بصفة دورية لتقييمها من عدة زوايا، والوقوف على مدى مناسبتها للغرض الذي من أجله سُنت، ومدى صلاحيتها للتطبيق في الوقت الحاضر مقارنة بوقت صدورها، ومدى صلاحيتها وملاءمتها وانسجامها مع ما طرأ من مستجدات، أو وجود حاجة لتعديلها بالإضافة أو الحذف أو الاستبدال بقانون جديد. نحن في حاجة لمشروع غربلة شامل لمنظومتنا القانونية، تعطى فيه الأولوية للقوانين التي تعين على تلمس الحقيقة وبلوغها وتمكن من تحقيق العدالة الناجزة، مرتكزة على سماحة شريعتنا الإسلامية الغراء وعالمية مبادئها، ومسترشدة بالقواعد العامة في الأنظمة المقارنة، ومتوائمة مع قيم المتغيرات الحضارية، ومستفيدة من مبادرات عولمة القانون، لكننا أحوج إلى تسريع العجلة، لمواكبة المستجدات واللحاق بالركب!.