أصبحت محدودية قبول المتميزين في الكليات الصحية تطرح علامة استفهام كبيرة، في ظل عدد الكليات الصحية، وما يقابله من تزايد حاجة القطاعات الصحية إلى كوادر طبية وكوادر فنية مساندة، وحتى لا نكون في هذا الطرح أمام قراءة نقدية مجردة «لمحدودية» أعداد المقبولين في كليات الطب والتخصصات الصحية الأخرى، وبرامج التدريب الصحي المتنوعة الامر الذي يستوجب النظر في حصيلة العددية والنوعية لخريجي الكليات الصحية في القطاعين العام والخاص والذي لا يتفق واقعاً مع ما تقوم به الدولة من ضخ مليارات الريالات على التعليم الجامعي بالمملكة، كما لا يفي باحتياجات المجتمع من تلك التخصصات الصحية، وهذا يتطلب الوقوف عند تلك المشكلة ومعالجتها، واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تساعد في رفع أعداد القبول في الكليات الصحية مع استكمال وتهيئة البيئة العلمية والعملية المناسبة بكل مقوماتها، لسد احتياجات القطاعات الصحية والأكاديمية والتي تشكو من نقص كبير وندرة في بعض التخصصات الصحية. ولعل هذا الاستطلاع يعطي مؤشرات على أن جزءاً من مشكلة محدودية القبول في الكليات الصحية وبالذات كليات الطب البشري وطب الأسنان يعود إلى بعض تلك الكليات التي تبرر محدودية القبول لوجود نقص في كوادر أعضاء هيئة التدريس، وعدم القدرة في الاستيعاب، فيما لم تستثمر من جانبها أعدادا كافية من خريجي الدراسات العليا من المبتعثين السعوديين في العديد من جامعات الدول المتقدمة للمساهمة في سد هذه الثغرة، مرجعة ذلك إلى عدد من الحجج، وفي نفس الوقت مبادرة بالتعاقد مع غير السعوديين خريجي تلك الجامعات وغيرها في الخارج، من حملة الدكتوراه والماجستير أو حتى الفنيين والأخصائيين للأعمال المساندة، حتى أصبحت بعض جامعاتنا بكلياتها المتنوعة والمتعددة حاضنة للعناصر المتعاقدة من غير السعوديين وهذا يترتب عليه إرهاق ميزانية الجامعات السعودية وحرمان أبناء الوطن من أحقيتهم في ذلك، فيما يظل الحل الأجدى والأجدر والمنطقي هو استثمار طاقات شباب الوطن المؤهل من المبتعثين، ومن جانب آخر العمل على إعداد برامج متخصصة لتأهيل المزيد من المتميزين من خريجي الكليات الصحية في جميع المجالات وابتعاثهم لدراسة الماجستير والدكتوراه لتوفير قاعدة كبيرة من هؤلاء الخريجين حتى يصبح من المتيسر التوسع في القبول وكذلك التوسع في إنشاء الكليات الصحية، دون أن تعاني العملية التعليمية الأكاديمية من أي خلل في تنفيذ برامجها واستراتيجياتها، ولتتمكن من تحقيق المعايير المتعارف عليها عالمياً من حيث نسبة أعداد أعضاء هيئة التدريس للطلبة وهي 1- 5 ، بالإضافة إلى توفر المستشفيات الجامعية والمختبرات الكافية للتدريب والتي تمكن الطالب من انجاز كل ما هو مطلوب منه، كما أن هذا الأمر يستدعي وجود لجان توظيف مركزية تتولى اختيار أعضاء هيئة التدريس وفي نفس الوقت التحقق في أسباب رفض السعوديين المؤهلين. نمو عدد كليات الطب في البداية قال د. أحمد الميمان – عضو هيئة التدريس بكلية الطب بجامعة القصيم- : في السابق كانت أعداد الكليات الصحية والطبية في المملكة معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، أما في هذا الوقت ومع تسارع التنمية فقد نهضت المملكة لدعم القطاع الصحي التعليمي نهضة شاملة ووصل عدد كليات الطب في المملكة إلى قرابة 30 كلية طب و23 كلية طب أسنان و28 كلية صيدلة وعشرات الكليات والمعاهد الأخرى في مختلف التخصصات، وبما أن هذه النهضة هي نهضة حديثة، فقد نحتاج إلى وقت كاف لكي يصل هؤلاء الخريجين إلى التدريب المتميز قبل الهبوط في سوق العمل، ولعل من أكبر العوائق في القطاع الصحي طول المدة التي يحتاجها الخريج لكي يتأهل في تخصصه تأهيلا جيدا ومناسبا لتطلعات المرضى، والذي يتلازم مع عدم وجود برامج تدريبية كافية لتأهيله لسوق العمل سواء من برامج الزمالة أو الإقامة أو حتى الدبلومات المختلفة، فتجد تلك البرامج لا تقبل إلا أعدادا بسيطة جدا رغم تقدم العشرات إليها، وبحكم حاجة سوق العمل، فقد يؤدي ذلك إلى توظيف غير المؤهلين تأهيلا كافيا لحين توفر المختصين والمحترفين، ومما يجب ذكره أيضا هو ماهية الطريقة التي تم تأهيل الطلبة فيها في مرحلة البكالوريوس، وهذا سؤال جوهري، إذ إن المتأمل بأوضاع بعض الكليات في المملكة سيجد تفاوتا شاسعا بينها من حيث الإمكانيات المالية والإدارية، ولعل سوء الإمكانيات الإدارية قد انعكس على بعض منها ماليا وأكاديميا مما أدى إلى تردي بعض المخرجات الطبية المهمة، بل ابحث عن الخطط التنفيذية والإستراتيجية لكثير من الكليات التي خرّجت عدداً من الدفعات، ولن تجدها! أيضا هناك نقص كبير في المستشفيات التعليمية والمختبرات الطبية والدوائية اللازمة للتأهيل، مما حدا بالبعض إلى التعاقد مع مؤسسات حكومية أو خاصة تفتقد إلى معايير التدريب الأكاديمي المتميز. تفضيل الأجنبي ولفت د. الميمان إلى التمييز الواضح بين»المتعاقد» والسعودي في سوق العمل، بل وصل الحد إلى أن يقبل المتعاقد أحيانا في مؤسسة ما، ويرفض السعودي الذي تخرج من نفس الكلية خارج المملكة بحجة عدم أهلية الكلية وعدم مناسبتها لسوق العمل، وكثيرا ما نسمع في الأصداء أن توظيف المتعاقد أسهل وأسلس من حيث إنهاء عقده عند عدم ثبوت أهليته، بينما لا ينطبق ذلك كثيرا على السعودي، مما كان له بالغ الأثر في تكدس السعوديين غير العاملين والمؤهلين لشغل وظائف صحية اعتيادية بسيطة بحجة عدم الأهلية، وفي ذات الوقت هناك رغبة واضحة بعدم الممانعة في تأهيل المتعاقد من نقطة الصفر! هناك إجحاف في التدقيق في جودة الكليات التي تخرج منها السعودي داخل وخارج المملكة، وبالوقت نفسه هناك إسفاف في التدقيق في شهادات المتعاقدين! بل وصل الحد إلى عدم توظيف بعض خريجي الجامعات العالمية من المبتعثين في مختلف التخصصات الصحية، بل خضع بعضهم لعدد من الاختبارات والمقابلات المتكررة غير المبررة، وأكبر دليل على ذلك هو فتح باب التوظيف من الوزارة مباشرة وتقليص الجامعات الحكومية المشاركة في حفلات البعثات. معوقات اكاديمية وحول المعوقات التي تقف أمام الوصول إلى تلك الأعداد الكافية من الخريجين أشار د. الميمان إلى عدد من النقاط المهمة منها: عدم توفر كوادر إدارية قيادية كافية مدربة لقيادة كليات الطب، وكذلك عدم توفر قيادات تعليمية أكاديمية، يعزز ذلك قلة خبرة بعض القيادات في طرق التعليم الصحي الممنهج والحديث، مع ضبابية الرؤية والإستراتيجية في المخرجات التعليمية وعدم وضوح الهدف منذ إنشاء بعض الكليات، منوهاً إلى عدم رغبة البعض في التوسع بأعداد كبيرة من الخريجين بحجة الحذر من التوسع غير الممنهج، مع عدم وجود برامج تأهيلية كافية بعد البكالوريوس. وألمح د. أحمد الميمان أنه بالرغم من وجود هذه المعوقات فإن هناك أيضاً مشكلة أخرى تتمثل في عدم الرغبة في تواجد العنصر السعودي المؤهل في المجالات الأكاديمية والصحية وذلك لتحاشي كثرة الآراء والاختلافات في الرأي كما يشكل منافساً وظيفيا على الإدارة العليا والوسطى في تلك القطاعات الأكاديمية والصحية، وبالتالي يتم تضييق الخناق عليه بحجة عدم الخبرة وما شابه ذلك، ومن هنا يفضل البعض وجود «متعاقدين» غير سعوديين في تلك القطاعات لسهولة التعامل معهم. الطاقة الاستيعابية ولكي يمكن رفع الطاقة الاستيعابية لتلك الكليات الطبية يقترح د.أحمد الميمان عددا من الاستراتيجيات التي يجب اتخاذها وبحزم للنظر في واقع قلة الخريجين من جهة، وعدم أهلية البعض من جهة أخرى، وكذلك أسباب رفض السعودي في المجال الأكاديمي وسوق العمل ومعاجلة ذلك بحزم، داعياً إلى بعض الاستراتيجيات المبدئية المتضمنة تأهيل القيادات الأكاديمية الصحية وعدم إنشاء أي كلية جديدة إلا بعد توفر القيادات الكاملة والمؤهلة تأهيلا كاملا من حيث الإلمام بالنظام المالي والإداري والأكاديمي والصحي، والتكثيف من برامج التأهيل لما بعد التخرج ومضاعفتها لكي تستوعب عددا أكبر من الخريجين، مع ضرورة إنشاء برامج دراسات عليا في التخصصات كلها وذلك لرفع الأهلية والاستثمار في المصادر البشرية، وأضاف قائلاً: لكي لا نعيد نفس الخطأ بعد عشر سنوات من الآن فإنه ينبغي توسيع المنافسة في برامج البكالوريوس وإعطاء الفرصة لعدد أكبر ثم تصفية الأكفاء، وكذلك التوسع في قبول المتميزين من خريجي العلوم الأساسية والطبية في كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة وتأهيلهم بناء على ذلك، كما هو الحال في بعض الدول المتقدمة، مع ربط جميع المخرجات بسوق العمل بشكل مباشر، والتنسيق مع سوق العمل في الإشراف والمتابعة والتقييم بشكل مستمر، مع ضرورة وجود لجان توظيف مركزية للنظر في حالات رفض السعوديين والبت مباشرة بدون الرجوع للمنشأة، مع التحقيق بأسباب الرفض والإحالة للجهات النظامية المختصة مع أهمية التغذية الرجعية في حساب التقديرات والتغييرات اللازمة وبشكل مستمر، ليتم استقطاب الكفاءات الطبية الإدارية سواءً بشكل قيادات إدارية مباشرة أو بشكل استشارات مكثفة مع وجود آليات للمراقبة والمتابعة. نقص الكوادر وقال د. عبدالله الغشام – أستاذ دكتور بكلية الطب بجامعة القصيم- إن هناك جهودا حثيثة من وزارة التعليم وهناك دراسات متعددة لزيادة أعداد المقبولين في جميع التخصصات الصحية بكافة كليات جامعات المملكة البالغة ما يقارب 90 كلية صحية تشمل تخصصات الطب وطب أسنان والصيدلة والعلوم الطبية والتمريض، لافتاً إلى أن هناك معوقات حالية تقف في وجه تحقيق هذا الهدف، من أهمها قلة أعداد الكوادر المناسبة من أعضاء هيئة تدريس حيث يشهد الطلب عليها منافسة كبيرة بين جامعات المملكة والقطاعات الصحية التابعة لوزارة الصحة، وكذلك من الدول العربية والخليجية وغيرها، يضاف إلى ذلك عدم وجود مستشفيات جامعة كافية حيث يبلغ عددها فقط أربعة مستشفيات، مؤكداً أن مستشفيات وزارة الصحة لا يمكن أن تكون كافية لمساندة العمل الأكاديمي الطبي وبالذات المستشفيات الواقعة في المدن والمحافظات المتوسطة والصغيرة عدا تلك المستشفيات الكبرى التي أيضاً تجد ضغطا من العديد من الكليات الواقعة في نطاقها، ولتدريب أطباء الامتياز حيث يرغب الكثير من الخريجين قضاء تلك السنة في مستشفيات المدن الكبرى. معوقات التشغيل ودعا د. الغشام إلى الإسراع في إنشاء المستشفيات الجامعية وتشغيلها، لافتاً إلى أن التحدي الأكبر والمعوق الرئيس يتمثل في تشغيلها من خلال القدرة على توفير الكوادر المناسبة والكافية، كما دعا إلى تكثيف الابتعاث في المجالات الصحية النوعية لتغطية متطلبات العمل في الكليات الصحية والمستشفيات الجامعية، مؤكداً أهمية التركيز على جودة المخرجات في جميع التخصصات الصحية، وقال إن التحدى الآخر يتمثل في تنمية وتطوير مدخلات الكليات الصحية وهذا لن يتم في يوم وليلة حيث يبدأ من تطوير جميع مراحل التعليم العام الأولية حتى الوصول إلى المرحلة الثانوية ومن خلال ذلك يتم تطوير السنة التحضيرية، مؤكداً أن هذا سوف يسهم في سد الفجوة بين التعليم العام والتعليم الجامعي. مواجهة النمو المستقبلي من جانبه أكد د. عمر اليحيا - مدير مركز الدراسات الطبية العليا بالقصيم- بأن المجال الصحي يعاني نقصاً مستمرا ً في معظم المنشآت الصحية بالعالم بسبب تزايد السكان والطلب العالمي، وأن المملكة تريد أن تصل لمستويات جيدة من نسب مقدمي الخدمات الصحية، حيث تتراوح النسبة المرغوبة بين مقدمي الخدمات الصحية ( طبيب ، صيدلي ، طبيب أسنان ، تمريض .. الخ) إلى المواطنين لتكون واحدا لكل 500 – 1000 مواطن حسب التخصص ، وأضاف أنه حسب الإحصاء الأخير المنشور على موقع وزارة الصحة لعام 2013 م فإن نسبة السعودة حالياً تتراوح بين 10% لبعض التخصصات الصحية إلى 50% منها. وحول عدد خريجي الكليات الصحية في المملكة سنوياً قال د. اليحيا : حسب إحصاء وزارة الصحة الأخير يصل عدد الخريجين السنوي إلى حوالي 6500 خريج في كل التخصصات الصحية المتنوعة (طب بشري، طب أسنان، علوم طبية ، صيدلة ، تأهيل طبي)، فإذا أضفنا اليهم حملة الدبلوم والمتخرجين من القطاع الخاص (حسب إحصائيات التعليم العالي المنشور في الموقع 1433ه) يصل إجمالي المتخرجين إلى أكثر من عشرة ألاف طالب وطالبة من حملة الدبلوم والبكالوريوس في كافة التخصصات الصحية ، واضاف إن هذا الرقم يمثل عدداً معقولاً ولكن يحتاج إلى زيادة في المستقبل، وأشار إلى أن الأهم في التأهيل التدريبي الصحي هو نوعية وكفاءة المتخرج، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في أن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية قد لا تستطيع استيعاب أكثر من 2500 في برامج الزمالة المختلفة، وأضاف أنه لدعم نوعية خريجي الكليات الحكومية والأهلية في المجال الصحي فلابد من زيادة الكادر التدريبي وكذلك مراجعة آلية ومناهج التدريب قبل التخرج، مع الاهتمام بالتدريب السريري العملي أثناء مرحلة الامتياز المهمة وغرس الجدية فيها، مع سرعة إنشاء مستشفيات تدريبية تابعة للجامعات. عوائق التدريب الصحي وعن عوائق التدريب الصحي قبل وبعد التخرج، قال د.اليحيا: أعتقد أن النسبة الكبرى من العوائق تكمن في وزارة الصحة والنظام الصحي في المملكة عموماً، ملمحاً إلى ضرورة تفعيل آلية الاستفادة المثلى من الكوادر الصحية عند تخرجها وإيجاد بيئة مناسبة مفيدة للنظام الصحي، مشيراً إلى أن بعض التخصصات السريرية في الطب البشري والتمريض تصل نسبة العزوف عن العمل فيها والاتجاه لعمل إداري أو شبه إداري إلى 50% (حسب تقارير الجهات الرقابية) وفي هذا هدر للموارد البشرية الذي بذلت فيه الدولة الكثير لتأهيلها، وقد يحتاج نظام تقديم الخدمة الصحية لدينا بالمملكة لمراجعة عميقة من قبل المجلس الصحي سواء في (تعدد مقدمي الخدمات الصحية، وعدم وجود سجل موحد للمريض، وعدم الفعالية العلاجية لمراكز الرعاية الصحية الأولية ،،، إلخ)، وأشار د. اليحيا إلى مثالين على هذا الحالة، قائلاً: منذ عقدين أو أكثر ووزارة الصحة تتكلم عن مفهوم طبيب الأسرة، وتنصح خريجي كليات الطب بالتوجه إلى هذا التخصص وهذا أمر حسن، لكن الوزارة لم تراجع بعمق ماهية بيئة العمل الحالية في المراكز الصحية.! ولماذا نصف الأطباء تقريبا(حسب تقارير إحدى الجهات الرقابية في إحدى المناطق) الذين التحقوا بهذا التخصص لا يعملون بالمراكز الصحية ولا بتخصصهم، والإجابة ببساطه أن بيئة العمل السريري بالمركز الصحي غير جاذبة مقارنة بالمستشفى.! ولذا خسرت التنمية العشرات إن لم يكن المئات ممن بذل لهم الكثير من الموارد لتأهيلهم قبل التخرج وبعده، كما أن المئات بل ربما الآلاف من خريجي التمريض السعوديين يعملون خارج العمل السريري، كما ألمح إلى أن النسبة الأقل 20-30 % تقع على كاهل الجامعات سواء لتحدي الكم أو لنوعية التدريب. تميز الكليات الأهلية وقال د. خلدون الجريان -عميد كلية الطب بجامعة دار العلوم بالرياض- بأن محدودية أعداد الخريجين في التخصصات الصحية يعود لأسباب عديدة من أهمها أن وزارة التعليم لا تميل إلى التوسع في عدد المقاعد وزيادة المنح خاصة في الكليات الأهلية بالرغم من أن بعض الكليات الأهلية بالمملكة تتفوق على بعض الكليات الحكومية التي تقع خارج المدن الرئيسية من حيث الجودة، كما أنها متفوقة على بعض الكليات في الخارج، لافتاً إلى أن الجامعات الأهلية تركز على تدريس الطالب وليس على المستشفى والبحث العلمي في حين إن بعض الأطباء في الجامعات الحكومية يركزون على الأبحاث العلمية وخدمة المستشفى، داعياً إلى المزيد من التعاون بين وزارة التعليم والقطاعات المعنية والجامعات الأهلية للرقي بمستوى الجامعات الأهلية وكلياتها مما سينعكس على جودة المخرجات واستثمار الطاقات الشابة من أبناء الوطن وتوجيههم للتخصصات المطلوبة والتي تسهم في النهوض بالتنمية وتطويرها. تقنين القبول وقال د. عبدالعزيز الغميز -طبيب زمالة المانية- بأن محدودية القبول في برامج التخصصات الطبية والتي تشرف عليها الهيئة السعودية للتخصصات الصحية ممثلة بأعضاء فاعلين ومؤثرين في تلك الهيئة تعتبر عقبه تؤرق طموح الطبيب السعودي الباحث عن تخصص طالما كان يحلم به ويجد نفسه قادر على تحقيق مستوى أفضل فيه، موضحاً سبب ذلك أن إدارة التدريب في هيئة التخصصات الصحية تقنن القبول في بعض التخصصات المميزة والنادرة بأعداد لا تصل إلى أصابع اليد على مستوى المملكة وهذا مما يعيق التوسع في الكادر الطبي واحتكار هذه التخصصات على أعداد قليلة، وبالتالي فإن الطبيب السعودي أمام هذا الواقع يضطر إلى السفر إلى الخارج للحصول على ذلك التخصص، وهذا مما يكلف الدولة مبالغ طائلة وحرمان الوطن من خدمات هذا الطبيب خلال مدة الحصول على التخصص في الخارج حيث تستفيد من خدماته المستشفيات هناك، وأضاف»د. الغميز» أنه في ظل الطلب العالمي المتزايد على الأطباء فإنه يبدي خشيته في تسرب أعداد من الأطباء السعوديين إلى العمل في الخارج مما يضاعف مشكلة هجرة العقول الوطنية المتميزة، مؤكداً أن هناك العديد من الأطباء السعوديين ينتظرون حلول جذرية لهذه المعضلة لسد الاحتياج من تلك التخصصات النادرة في جميع أنحاء المملكة. أوضح د. أحمد الميمان –عضو هيئة التدريس بكلية الطب بجامعة القصيم- أن دور الكليات الأهلية في المساهمة في ضخ المزيد من الأطباء في ميدان العمل ويقول: الحديث عن الكليات الأهلية التي تمنح درجة البكالوريوس حديث ذو شجون، ولعلي لا أعمم على الجميع فهناك من تميز في القطاع الخاص، لكن من ينظر إلى حجم الخريجين والذين لم يتم اجتيازهم لاختبارات المهن الصحية، يدرك أن حجم المشكلة كبير جداً، وقد قابلت العشرات من خريجي ضعف المدخلات والمخرجات! الكليات الصحية والطبية في المملكة أثناء التدريب ولمست فقدهم لأبسط أبجديات المهن الصحية، وللأسف هذا خطأ يتكرر ويحتاج معالجة فورية وسريعة، لأن أعداد هؤلاء الخريجين ضخم جدا ومن الصعب أن يعمل في منشأة صحية من يفتقد إلى أولويات وأساسيات المهنة، بل فوجئت ببعض الكليات التي تخرج تخصصا معينا ولا يوجد من أعضائها من هم في نفس التخصص إلا اثنين أو ثلاثة بدرجة ماجستير على حد أعلى! وبدون شك هذا قد انعكس سلبا على المدخلات والمخرجات بنفس الوقت، وأشار إلى أن الكليات الأهلية تنظر إلى الربح وهو حق مشروع، ومن الصعب أن تحصل على كفاءات علمية عالية بهذه التخصصات النادرة برواتب متدنية حتى من المتعاقدين، وبالوقت نفسه تحتاج لأكبر عدد من الطلاب لتحقيق الربح المادي الذي من أجله أنشئت الكلية، فتدخل في دوامة يصعب حلها. وأضاف لو تأملت معدلات الطلاب المقبولين في الكليات الأهلية لأدركت سبب إقبالهم عليها، وبالنظر أيضا إلى المخرجات، فالمعدل العالي في بعض الكليات الأهلية لا يتسق مع حجم المعلومة التي نالها الطالب، ولذا فشل كثير منهم في الحصول على وظيفة في سوق العمل بأكمله مع ارتفاع معدله، مؤكداً بأن ذلك قد يكون إجحافا بحق الكليات الحكومية المتميزة حيث سيتخرج الطالب بنفس الدرجة المنهية وبنفس المعدل وينافس على نفس القطاع بفارق ضخم في التأهيل والخبرة والعلم. مفاضلة على كراسي الطب حول الفرص المتاحة لخريجي الثانوية العامة لدراسة الطب قال د. خلدون الجريان -عميد كلية الطب بجامعة دار العلوم بالرياض- من المؤكد بأن هناك فرصا متاحة، إلا أنه يتم عمل مفاضلة على الكراسي المحدودة لكلية الطب فيما يتم تحويل البقية لكلية الأسنان والصيدلة والعلوم الطبية التطبيقية والتمريض، مشيراً إلى أنه يتم على سبيل المثال قبول أفضل 100 طالب في كلية الطب بجامعة الملك سعود من أصل500 والبقية يوزعون على بقية التخصصات الصحية الأخرى، لافتاً إلى أنه يشترط لدخول كلية الطب بجامعة الملك سعود الحصول على معدل 4.75 ممن تصل نسبته الموزونة إلى أعلى من90% وأن يتحصل على معدل 5 بالسنة التحضيرية، ومن هنا فإن من تقل نسبته عن 90% فالأفضل له أن لا يهدر سنه وبالأخير يطلب التحويل وقد يتطلب الأمر إعادة السنة التحضيرية أو جزء منها، أما في كلية الطب بجامعة دار العلوم فإنه يقبل من البداية ويطمئن الطالب على مستقبله.