أيام ونقف على مشهد جديد وبانورامي للشارع السعودي وهو يختار مرشحيه من أعضاء وعضوات المجالس البلدية بمشاركة مجتمعية واسعة تشمل الرجال والنساء، إذ سيكون من حق المرأة التي تشارك لأول مرة في العمل الانتخابي ترشيح نفسها والمشاركة في الاقتراع كناخبة، وستجد نفسك أمام لوحات من قبيل "انتخبوا أم سعد" أو "السيدة فتو تعدكم بحياة بلا مطبات"! هذا التحول الاجتماعي والحضور اللافت للمرأة التي غابت عن الانتخابات البلدية في دورتيها الأولى والثانية يحسب لعهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، فهو صاحب هذه المبادرة التي لم تكن لترى النور لولا حرصه على إعادة نصف المجتمع إلى وضعه الطبيعي، فكان نصيرا للمرأة وحقوقها.. أدخلها مجلس الشورى وأعطاها حق الابتعاث، ثم فرش لها الطريق لتكون جزءا أساسيا ومؤثرا في العرس الديموقراطي الانتخابي. الجميع ينتظر هذه التظاهرة الاجتماعية المميزة ويتوقع أن تحظى باهتمام رسمي استثنائي وتغطية إعلامية كبيرة حتى على مستوى الإعلام الأجنبي الذي سيجد منها مادة دسمة يقرأ من خلالها التحول الفكري والثقافي في تاريخ المجتمع السعودي الذي تجد المرأة فيه الكثير من التحديات لتحصل على حقوقها. فقد وقف بعض مواطنيه يوما ضد تعليم المرأة وما زالت قضية قيادة المرأة للسيارة عالقة ولم تحسم بعد. الانتخابات البلدية التي تشارك فيها المرأة لأول مرة ستكون حدثا بارزا في كل شيء ولن يخلو الأمر من بعض المواجهات والإشكالات، فالجديد دوما مصدر توجس في مجتمع يتوجس أصلا من وجود المرأة، وبالطبع ستمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من النكت والقفشات والتعليقات الساخرة، فقد أثبت المجتمع السعودي قدرته الهائلة على تحويل كل شيء إلى نكتة.