عندما ننظر إلى منظمة حقوق الإنسان نجدها تُعَرِّف نفسها بأنها تعتني في الأساس بالدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها، بإلقاء الضوء على حالات انتهاك حقوق الإنسان وجذب انتباه المجتمع الدولي إليها. ولكن، في الآونة الأخيرة، أصبحت الأمور في العالم – العربي خاصةً – لا تنتظر مثل تلك المنظمة لإلقاء الضوء على الأحداث، لأن الناس أصبحوا لا يهتموا لحقوق الإنسان قدر الاهتمام بالتبرير لمنتهك تلك الحقوق. فعلى سبيل المثال، الأحداث الأخيرة التي تشهدها الساحة المصرية، عند فض اعتصامات الإخوان ومن ليس إخوان بس بيحترمهم ومن يؤيد مرسي وشرعيته، ومع سقوط القتلى من الأبرياء تكاثرت التأويلات بين من يبرر مقتل المعتصمين بأنهم هم من يقتلوا أنفسهم لكسب تعاطف المجتمع، وبين من يكذب أعداد القتلى، وبين من يردد الجملة الشهيرة يستاهلوا .. إيه اللي وداهم هناك، وبين من لايكترث لهم لأنهم إرهابيون – في وجهة نظره ، وعلى الطرف الآخر تجد أيضاً مقتل عناصر الشرطة وغيرهم تصاحبه بعض التبريرات، مثل أنهم يستحقوا الموت لأنهم قتلة وخونة وانقلابيين, وأتذكر الحادثة التي حدثت بمحافظة الإسكندرية وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات، عندما قام شخص ملتحي برمي شاب من أعلى سطح عمارة، وبعدها أصبح الشغل الشاغل للإخوان ومؤيديهم أن ينفوا علاقة ذلك الشخص بهم ويؤكدوا أنه ذو لحية مزيفة ومدفوع له لكي يشوه صورتهم، وعلى الجانب الآخر لم يهتم أحد بالشاب المتوفى ولكن أخذ الجميع ينشر الفيديو واصفينه بـ انظروا ماذا يفعل الإخوان (بتوع ربنا). وفي الأيام الأخيرة، انتشر فيديو لرجل يحتضن طفله الصغير المقتول، ولم تتعدى مدة الفيديو الدقيقة الواحدة، ولكني شاهدته مرتين، الأولى تحت عنوان العسكر يقتلوا الأطفال ، والثانية الإخوان يقتلوا الأطفال، بالرغم أن الفيديو يظهر فيه نفس المحتوى في العنوانين ولا يوضح أي شئ سوى أب يبكي على طفله المقتول غدراً. وفي الشقيقة السعودية، شاهدت فيديو لشاب يضرب عامل نظافة بطريقة مهينة، وجاءت ردود الأفعال معظمها مستنكرة لتلك الفعلة، ولكن أتت بعض ردود الفعل المختلفة القائلة يستاهل .. أكيد سوى شئ وآخر يتوقع أن يكون العامل قد تعدى على حرمة البيت، ويؤكد بأعلى صوته أنا لو مكانه لقتلته ، إذن فما الداعي من وجود الأجهزة الأمنية إذا قام كل شخص بأخذ حقه بيده من الآخر. يبدوا أن الجميع لم يعد ينظر إلى لماذا يُقتل أو يُهان شخص بدون وجه حق، قدر البحث عن مبررات وحجج لمن قَتل أو انتهك حق أو اعتدى على شخص آخر. ولذا، أدعوكم جميعاً أن تنضموا إلى جمعية حقوق منتهكي حقوق الإنسان أو جمعية حقوق التبرير والتطبيل، والتي أتوقع لها نجاحاً باهراً في الأيام المقبلة، ومن المحتمل التفكير في تحويلها من منظمة غير ربحية إلى شركة مساهمة لأن أرباحها المادية ستكون كبيرة جداً. وأخيراً، عزيزي القارئ ، عندما تشاهد فيديو لحالة انتهاك حق من حقوق الإنسان سواءاً بالقتل أو الضرب أو الاعتداء من أي نوع، ويذهب تفكيرك الأول في البحث عن سبب لتلك الفعلة، فهنيئاً لك بقبولك كعضو نشط في جمعيتنا.