عقب مرور سنة من كارثة إسقاط الطائرة الماليزية «إم إتش 370» أعرب الاتحاد الأوروبي أمس عن أسفه بعد أن استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار لإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة المسؤولين عن إسقاط الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية في يوليو (تموز) 2014 في شرق أوكرانيا. وأيدت 11 دولة من أصل 15 أعضاء في المجلس مشروع القرار، الذي وضعته كل من أستراليا وبلجيكا وماليزيا وهولندا وأوكرانيا وتقدمت به ماليزيا. وامتنعت ثلاث دول عن التصويت هي الصين وفنزويلا وأنغولا. وبدأت الجلسة بدقيقة صمت حدادا على الضحايا الـ298 الذين قضوا في الحادث وغالبيتهم هولنديون. وحظي القرار خصوصا بدعم لندن وواشنطن وباريس التي تتهم المتمردين الأوكرانيين الموالين لروسيا بإسقاط الطائرة «بوينغ 777» مستخدمين صاروخ «أرض جو» تم الحصول عليه من روسيا. وتنفي روسيا أي تورط في النزاع وهي تلقي اللوم على الجيش الأوكراني في الحادث، وشدد السفير الروسي فيتالي تشوركين على أن تأسيس محكمة: «ليس من اختصاص المجلس». واتهم تشوركين مؤيدي المحكمة بالسعي إلى تسييس القضية. وأشار تشوركين إلى أن المحققين الروس لم يحصلوا على إمكانية الوصول إلى موقع تحطم الطائرة كغيرهم، وتساءل ما الذي يؤكد «نزاهة التحقيق»، منتقدا «الترويج العدائي في الإعلام» ضد روسيا. وصرحت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية مايا كوسيانسيتش أمام صحافيين: «نأسف لعدم تبني مشروع القرار أمام مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي». وانتقدت دول غربية في مجلس الأمن، فضلا عن أستراليا وهولندا التي كان غالبية الضحايا من رعاياها، موقف روسيا. وأكدت تلك الدول أن الفيتو لن يحول دون استمرار الجهود الدولية لملاحقة مرتكبي الحادث. وقالت السفيرة الأميركية سامنتا باور لوكالة الصحافة الفرنسية: «من المحزن أن تستخدم روسيا هذا الامتياز الذي عهد به إليها... لإحباط السلام والأمن الدوليين». وأكدت أن واشنطن تصر على ألا يفلت مرتكبو «الجريمة» من العقاب. ومن جهته، وعد الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو بإحقاق العدالة لعائلات الضحايا رغم الفيتو الروسي. وكتب أن «النتائج تتحدث عن نفسها» في إشارة إلى نتيجة التصويت في مجلس الأمن. وأضاف: «لكن أوكرانيا لن تتوقف هنا. ينبغي معاقبة المذنبين». أما وزير الخارجية الأوكراني باولو كليمكين فاتهم روسيا مباشرة في الضلوع في الحادث، إذ قال: إن «السبب الوحيد لاعتراض القرار هو أن تكون أحد المنفذين». وتابع أن «هذه المحكمة لإظهار الحقيقة، وإن كنت خائفا من الحقيقة فذلك يعني أنك على الجانب الآخر». وقبل التصويت نبه وزير النقل الماليزي أن «جميع من يسافرون بالطائرات سيواجهون مزيدا من الأخطار»، داعيا إلى تبني القرار «لأننا ندين بذلك لعائلات الضحايا». وبعيد الحادث، تبنى مجلس الأمن بالإجماع القرار 2166 الذي طالب بـ«محاسبة» المسؤولين عن هذه الكارثة الجوية وبأن «تتعاون» كل الدول «في شكل كامل» في هذا الصدد. وأيدت روسيا يومها القرار. ومشروع القرار الذي رفض ينص على إلزام جميع الدول بالتعاون مع المحكمة الخاصة تحت طائلة فرض عقوبات، وأعلن الكرملين أن بوتين رد أن «روسيا لا تزال تعتقد أن إنشاء محكمة مماثلة ليس الخطوة الأفضل الواجب القيام بها». ومن جهة أخرى أعلن رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق أمس أن حطام الطائرة الذي عثر عليه في جزيرة لاريونيون الفرنسية في المحيط الهندي يعود «على الأرجح» إلى طائرة «بوينغ 777»، فيما تتزايد التكهنات بأن يكون حطام الرحلة «إم إتش 370» المفقودة. وكتب رزاق في بيان على موقع «فيسبوك» الاجتماعي أن «التقارير الأولية توحي بأن الحطام على الأرجح من طائرة بوينغ 777 لكن علينا التحقق مما إذا كان يعود إلى الرحلة إم إتش 370». وأثار الحطام الذي عثر عليه في جزيرة لاريونيون الأمل في الكشف أخيرا عن مصير الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية والتي اختفت قبل 16 شهرا وعلى متنها 239 شخصا. ولم يوضح رزاق تحديدا التقارير التي يتحدث عنها، لكن مسؤولين ماليزيين أفادوا في وقت سابق أمس أنه تم العثور على قطعة حطام من جناح طائرة «بوينغ 777» يبلغ طولها نحو مترين وهي تعرف باسم «جنيح». والجنيح هو جانح صغير متصل بالحافة الخلفية لجناح الطائرة يشغله الطيار لتوجيه الطائرة لدى إقلاعها وهبوطها ودورانها. وكشف الرئيس الوزراء أن السلطات الفرنسية ستنقل قطعة الحطام إلى تولوز، جنوب غربي فرنسا، ليدرسها مكتب التحقيقات والتحليل المكلف التحقيق في حوادث الطيران، كما سيتوجه مسؤولون من وكالة النقل الماليزية والخطوط الجوية الماليزية إلى تولوز. وأكد: «ما أن نحصل على المزيد من المعلومات أو التحقيقات، سنعلنها» محذرا من إطلاق تكهنات مبكرة، وأضاف: «وردت الكثير من الإنذارات الخاطئة من قبل، لكن آمل من أجل العائلات التي خسرت أقارب وعانت من أوضاع غامضة أليمة، جلاء الحقيقة بحيث تتمكن من طي الصفحة». ورأى رزاق أنه من الممكن العثور على حطام للطائرة الماليزية على سواحل لاريونيون على مسافة نحو أربعة آلاف كيلومتر من الموضع الذي ترجح السلطات أن تكون الطائرة سقطت فيه في المحيط الهندي. ويذكر أنه أسقطت الطائرة الماليزية «الرحلة إم إتش 17» في شرق أوكرانيا في 17 يوليو 2014 ما أسفر عن مقتل 298 شخصا هم الركاب وأفراد الطاقم. وتتهم كييف والغربيون الانفصاليين الموالين لموسكو باستخدام صاروخ «أرض - جو» من طراز «بوك» حصلوا عليه من روسيا لإسقاط الطائرة. لكن موسكو تنفي أي ضلوع لها.