قال خبير أميركي يتابع أموال إيران المجمدة في الخارج، إن بداية تجميدها لم تكن لها علاقة بخطة إيران لإنتاج قنبلة نووية، وذلك لأن الثورة في إيران، بقيادة آية الله الخميني، عام 1979، قلبت العلاقات الأميركية الإيرانية «رأسا على عقب». وحولت الولايات المتحدة من دولة متحالفة مع إيران، في عهد الشاه، إلى دولة «تغضب، وتعاقب». وقال كينيث كاتزمان خبير الشرق الأوسط في مكتبة الكونغرس لـ«للشرق الأوسط»، إن أول العقوبات كانت أوامر أصدرها الرئيس الأسبق جيمي كارتر، وذلك عقابا لإيران على احتلال إيرانيين للسفارة الأميركية في طهران، واحتجاز 52 دبلوماسيا أميركيا فيها لأكثر من عام. في ذلك الوقت، كانت الأرصدة الإيرانية في البنوك الأميركية أقل من مليار دولار. لكن، في بداية عهد الرئيس رونالد ريغان، ومقابل إطلاق سراح الدبلوماسيين الأميركيين، في بداية عام 1981، أفرج عن بعض هذه الأموال، في إطار «اتفاق الجزائر» بين البلدين. غير أنه، «منذ ذلك الوقت وحتى اليوم»، تظل بعض المواضيع معلقة. وقال كاتزمان إنه، حسب الاتفاق، تأسست في لاهاي «محكمة الادعاءات الأميركية الإيرانية»، لكنها لم تصدر أحكاما محددة، وذلك بسبب تعقد العلاقات بين البلدين، ثم بسبب ظهور الاختلاف حول برنامج إيران النووي. تشمل بعض الادعاءات المعلقة برنامج المساعدات العسكرية الأميركية إلى إيران خلال حكم الشاه. ويقدر المبلغ المتنازع عليه بأنه «في حدود مئات الملايين من الدولارات». وبينما قالت حكومة الثورة في إيران إن حكومة الشاه كانت دفعت استحقاقاتها، قالت الحكومة الأميركية إن ذلك ليس صحيحا، كما قالت حكومة الثورة في إيران إن الحكومة الأميركية لم تسلم إيران كل الأسلحة التي كان الشاه دفع ثمنها، قالت الحكومة الأميركية إن الشاه تسلم بعضها. في وقت لاحق، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية إنها «حسمت» النزاع، وإنها باعت الأسلحة التي كان شاه إيران دفع قيمتها، لكنها لم ترسل إلى إيران، وإن مبلغ أربعمائة مليون دولار وضع في حساب بيع الأسلحة الأجنبية التابع لوزارة الدفاع. في وقت لاحق، حصلت وزارة الدفاع على حق تجميد ممتلكات وأموال إيرانية أخرى في الولايات المتحدة، وذلك «لتوحيد حسابات المدفوعات والمشتريات الإيرانية». من بين هذه خمسون مليون دولار لها صلة بالسفارة الإيرانية في واشنطن، وبممتلكاتها وبأرصدتها. وأيضا، بمكاتب إيرانية في عدد من الولايات المتحدة كانت تشرف عليها السفارة. وأشار كاتزمان إلى بنود أخرى أضيفت إلى هذا الحساب: عام 1983، قتل 241 جنديا أميركيا في قاعدة عسكرية في لبنان، واضطر الرئيس رونالد ريغان إلى سحب القوات. واتهم حزب الله، وإيران، بتنفيذ الهجوم. في وقت لاحق، اعتمادا على هذا الإعلان الحكومي، رفعت عائلات الجنود قضايا في محاكم أميركية ضد إيران. وأسفرت ثمانية قضايا عن أحكام بإجبار إيران على دفع تعويضات وصلت جملتها إلى قرابة تسعة مليارات دولار. في عام 1988، أسقطت طائرات أميركية عسكرية طائرة مسافرين إيرانية فوق الخليج، وقتلت 248 إيرانيا كانوا فيها. في ذلك الوقت، دفعت الولايات المتحدة ستين مليون دولار تقريبا تعويضات لعائلات الضحايا (ثلث مليون دولار تقريبا لكل شخص). لكن، لم تعوض الولايات المتحدة إيران عن الطائرة نفسها. حسب تقرير أصدرته مكتبة الكونغرس عن العقوبات الأميركية على إيران، في ذلك الوقت، عرضت الحكومة الأميركية منح إيران طائرة مدنية لتعوض عن التي أسقطتها. لكن، لم يحسم الموضوع. قالت الولايات المتحدة إنها «جهزت الطائرة»، ولن تدفع تعويضات مالية. وقالت إيران إنها تريد تعويضات مالية، لتشتري الطائرة التي تريدها. بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، وبعد توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، وبعد ظهور مشكلة أسلحة إيران النووية، تحولت السيطرة على هذه الممتلكات إلى وزارة الخزانة الأميركية، تحت بند «ممتلكات إرهابية إيرانية. في عام 2009، أعلن المدعي الفيدرالي لولاية نيويورك مصادرة أموال وممتلكات شركة «عسى» الإيرانية. وأيضا، أموال وممتلكات بنك «ميلي» الإيراني، ومؤسسة «إلافي» الخيرية الإيرانية، وذلك بتهمة خرق قوانين المقاطعة الأميركية. وفي عام 2013، صدر الأمر الجمهوري رقم 13599 بتجميد كل أرصدة وممتلكات إيران، وقدرت في ذلك الوقت بملياري دولار تقريبا. واستهدف الأمر الجمهوري البنك المركزي الإيراني. وحسب تقرير مكتبة الكونغرس، مع قانون أصدره الكونغرس في ذلك الوقت، صارت المعاملات المالية الأجنبية الإيرانية مستحيلة، أو شبه مستحيلة. ثم أضاف قانون جديد أصدره الكونغرس إلى قائمة العقوبات قرابة أربعين وزارة، ومؤسسة، وشركة إيرانية، خاصة في مجالات النفط والاستثمارات الأجنبية. وأول من أمس (الثلاثاء)، خلال استجواب لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب عددا من الوزراء حول الاتفاق الإيراني النووي، نفى وزير الخزانة، جاك لو، قول عدد من النواب الجمهوريين إن إيران ستحصل على مائة مليار دولار إذا رفعت الحكومة الأميركية قرارات التجميد، وأضاف: «نقدر أنه بعد تخفيف العقوبات، ستقدر إيران على الحصول على نصف هذا المبلغ، على نحو 50 مليار دولار». وسط أسئلة متشددة من نواب جمهوريين، قال الوزير إنه لا يملك تفاصيل الموضوع، لكنه «مستعد لتقديم تفاصيل في وقت لاحق». واكتفى بالقول إن عشرين مليار دولار (من جملة مائة مليار دولار) تتبع لمشاريع إيرانية صينية. ولا يمكن أن تصرفها إيران على مجالات أخرى. وأمس (الأربعاء)، قالت راشيل زيمبا، مستشارة مالية مع شركة روبين العالمية في نيويورك: «هذا موضوع معقد جدا. خاصة لأن البنوك الإيرانية ظلت تعمل من دون شفافية ورقابة حكومية قوية. في البداية، يجب النظر في هذا الموضوع». وأضافت: «حصلوا على الأموال المجمدة، أو لن يحصلوا عليها، كلها، أو بعضها، تظل البنوك الإيرانية لا تقدر على تنفيذ مشاريع واستثمارات تنفيذا مفيدا، ونزيها».