وجود إدارة للمخاطر في القطاعات الحكومية والخاصة إجراء حتمي وهام، بفعل الأعداد البشرية الكبيرة التي تتواجد في هذه المنشآت والتي يتطلب معها الإعداد والتهيئة لمواجهة أي طارئ من أجل حماية الأرواح والممتلكات والوثائق، ولا شك أن جميع القطاعات تهتم بهذه الجزئية وتعمل عليها من خلال آليات تختلف من قطاع لآخر. فإدارة المخاطر يجب أن تكون سلسلة من الإجراءات والتعليمات الموثقة عمليا وتطبيقيا وملزمة التطبيق، وإن لم تكن كذلك فهي عبارة عن إجراء ورقي يتم حفظه في أحد الملفات ولا يتم التقيد به بشكل عام ولكي نفهـم هذا العمل لابد من أن نعي أن فقدان الأرواح وخسارة الممتلكات في شتى القطاعات والدوائر التي تكتظ بالموظفين والمراجعين أو بالمدارس والمكاتب المختلفة يستدعي معها وجود خطط وأنظمة يتم التقيد بها واتباع تعليماتها بصرامة مطلقة. لقد دخلت إدارة المخاطر في صلب عمل العديد من المنظمات الدولية، الأمر الذي جعل البنك الدولي في تقريره عن التنمية في العالم لعام 2014م الذي تم تدشينه مؤخرا في بداية شهر أكتوبر 2013 م يضع إدارة المخاطر وبناء القدرة على الصمود في صميم نهجه نحو التنمية، حيث يشير التقرير إلى أن عملية مواجهة المخاطر، والتأهب لها، والتكيف مع آثارها توفر فرصة لا غنى عنها لتحقيق النمو والازدهار والتنمية. ولا تـقتـصر إدارة المخاطر على التنبؤ بالمخاطر المحتملة والسعي للحيلولة دون وقوعها، ولكن في واقع الأمر يختلف مفهوم إدارة المخاطر عن ذلك تماما. إذ إن المعنى الدقيق لهذا المصطلح يشير إلى السعي المتواصل للتعرف على المخاطر التي تظهـر داخل أية مؤسسة وتحليلها ومراقبتها من أجل التخفيف من وطأة تلك المخاطر وليس الحيلولة دون وقوعها. أقولها وللأسف إن بعض القطاعات يوجد فيها إجراءات للطوارئ وسلالم خارجية للإخلاء ولكن وقت الحاجة إليها نجدها مغلقة مؤصدة خشية استخدامها من قبل المدخنين أو الاستخدامات الأخرى غير المشروعة وبالتالي تفقد سبب وجودها. أين نحن من خطط الطوارئ و إدارة المخاطر وإجراءاتها في الدول المتقدمة؟ هل سمعنا بإخلاء إدارة أو منشأة أو مدرسة أو كلية بشكل منتظم ودوري؟ للتأكد من تفهم الأفراد لهذه الإجراءات؟ وما هي خطط المستشفيات والمعامل والمختبرات والمصانع والمدارس والجامعات في إدارة المخاطر والكوارث التي قد تحصل ــ لا قدر الله ــ وما هي إجراءاتهم عند وقوع حالة طارئة تستلزم القيام بعملية إخلاء المنشأة من العاملين والمتواجدين بأسرع وقت ممكن. والإجراءات اللازمة لتأمين سلامتهم وكفالة الطمأنينة والأمن لهم في ظل تعدد حالات المخاطر التي تشمل المخاطر الصحية والطبية والطبيعية بالإضافة إلى أنواع أخرى تشمل المخاطر القانونية والمخاطر المتصلة بأمن الوثائق والمعلومات ومخاطر المنشآت والمرافق. فأين موقعنا التخطيطي والتطبيق العملي من كل ذلك؟ لماذا لا يتم التحقـق بين فترة وأخرى من ضمان كفاية أبواب الخروج الحالية ومدى سلامتها، ومدى توفر وسائل السلامة الضرورية من خلال تجارب وتدريبات عملية تضمن خروج العاملين بطريقة منظمة وآمنة، وتقضي على الرعب الذي طالما كان سببا في حدوث غالبية الإصابات في الحرائق والحالات الطارئة التي قد تحدث لا قدر الله. إنني حين أتحدث عن مثل هذه الخطط والتعليمات المتبعة في إدارة المخاطر لا أتحدث عن تطبيق أو مشروع نقرؤه في الجريدة لمرة واحدة في السنة في دائرة ما، ولكني أعني ذلك العمل المخطط الذي يمثـل ثقافة راسخة لدى الموظفين والعاملين والمتابعين في هذه المنشأة أو تلك. وعلى يقين أنه توجد إجراءات وتعليمات لتطبيق مثـل هذه الخطط، لكن التساؤل هل هذه الإجراءات والتعليمات يتم تطبيقها وتمارس في حياتنا العملية. لابد أن تكون إدارة المخاطر سلوكا وثقافة لدى الإدارة والموظفين في أي دائرة كانت حكومية أو خاصة، بما يساعد في تحقيق أكبر قدر من الجاهزيـة والتقليل من الخسائر البشرية والمادية... ودمتم سالمين.