قررت وزارة النفط العراقية خفض إنتاج الحقول الجنوبية من النفط الخام نتيجة لضعف الطاقة الاستيعابية للخزانات النفطية، وبسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في البلاد. وحذر عدد من الخبراء والمختصين في الشأن الاقتصادي من زيادة عجز الموازنة المالية وحدوث أزمة مالية خانقة نتيجة انخفاض الإنتاج، في ظل انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية. وكشف رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة البصرة مجيب الحساني للجزيرة نت أن وزارة النفط أصدرت توجيها للشركات العاملة ضمن جولات التراخيص عبر شركة نفط الجنوب لتقليص إنتاجها بسبب عدم استيعاب المستودعات للزيادة في إنتاج النفط الخام. وأضاف الحساني أن "تقليص الإنتاج لن يؤثر على الشركات النفطية الاستثمارية بل على موازنة البلاد، لا سيما أن الشركات العالمية غير ملزمة بخفض الإنتاج، كونها تتقاضى مبالغها بشكل مباشر في حال انخفاضه سواء كان نتيجة الظروف الجوية أم الأمنية أم الاقتصادية"، داعيا وزارة النفط إلى "الإسراع بإقامة خزانات تتناسب مع حجم الإنتاج المتزايد". عاصم جهاد: خطة الوزارة هي الوصول بالصادرات النفطية لثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف برميل يوميا(الجزيرة) تزامن وأكد رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة البصرة أن تقليص الإنتاج تزامن مع الأحداث الأمنية في اليمن التي أثرت على معدل صادرات النفط، مرجحا أن يؤثر استمرار انخفاض الإنتاج والتصدير سلبا على الوضع الاقتصادي للبلاد، كونه الرافد الأساس للموازنة التي ترسم إستراتيجية الإنفاق الحكومي. وفي السياق ذاته، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد للجزيرة نت إن لدى الوزارة بندا يتيح لها مراجعة عقودها مع الشركات العالمية لتعديلها بين مدة وأخرى بحسب المصلحة العام، مشيرا إلى أن "تقليص إنتاج تلك الشركات لن يؤثر في الصادرات كما يعتقد البعض، لأن الوزارة مستمرة بخطتها لزيادتها". وأضاف جهاد أن "المقصود بالتقليص هو إنتاج الذروة"، مبينا أن العقود مع الشركات العالمية تنص على تحقيقها نسبة 10% من إنتاج الحقل خلال ثلاث سنوات تدريجيا حتى الوصول للذروة، اعتمادا على طبيعة كل حقل والمعدلات المطلوبة، لكنها تمكنت من اختزال تلك المدة بما يقارب العام". وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط أن "الوزارة قامت بتقليص إنتاج الذروة ليتسنى لها الحفاظ على معدل ثابت لسنوات أطول"، لافتا إلى أن "خطة الوزارة تقتضي الوصول بالصادرات النفطية إلى ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف برميل يومياً خلال العام 2015 الحالي، إلا إذا حدث طارئ أو مشاكل فنية، سواء مع إقليم كردستان العراق أم نتيجة توقف الموانئ الجنوبية بسبب سوء الأحوال الجوية". وتابع جهاد أن "الوزارة تحرص على تصدير أكبر كمية من النفط لتعويض انخفاض أسعاره"، مستطردا "أما بشأن الطاقات التخزينية فإن خطة الوزارة تواكب الزيادة المنتظرة في الإنتاج والتصدير، وقد باشرت بإدخال خزانات عملاقة للخدمة". قاسم الحسن: خفض إنتاج النفط سيؤثر على عجز الموازنة(الجزيرة) تحذير من جهته، حذر الخبير النفطي قاسم الحسن من خفض الإنتاج العراقي من النفط الخام، كونه سيؤثر على عجز الموازنة الذي يقدر حاليا بأكثر من أربعين مليار دولار. وقال الحسن للجزيرة نت إن "الحكومة الآن تفكر بكيفية سد عجز الموازنة من خلال الآليات والخطط الجديدة المتخذة في الوقت الذي يصدّر فيه العراق أكثر من 2.5 مليون برميل يوميا"، مشيرا إلى أن خفض الإنتاج سيؤثر سلبا على الاقتصاد العراقي بشكل عام، ويجعل الحكومة في وضع محرج. ودعا الحسن إلى ضرورة قيام وزارة النفط ببناء خزانات جديدة وبسعة استيعابية أكبر لغرض استيعاب الكميات الجديدة التي تنتجها الشركات الاستثمارية ضمن جولات التراخيص النفطية للحقول الجنوبية، وليس تخفيض كمية الإنتاج. بالمقابل، قال عضو لجنة النفط والطاقة النيابية في مجلس النواب العراقي رزاق محيبس للجزيرة نت، إنه "لا يمكن لوزارة النفط أن تتخذ قرارا كهذا في الوقت الذي تعاني فيه الحكومة من ضعف في السيولة النقدية وزيادة في عجز الموازنة الاتحادية"، مؤكدا أن لجنته ستستضيف وزير النفط لمعرفة صحة هذا القرار وأسبابه، فضلا عن مناقشتها لبعض القضايا المهمة.