يعتز الهنود بتاريخهم المطعّم بالأسطورة، لكن من أبرز ما يفاخرون به ثلاثة: الديمقراطية، وتاج محل، ورامبرانت طاغور. لولا الديمقراطية وإرثها الثقافي العريق في الهند، كيف يمكن حكم بلاد يعيش فيها مليار وأكثر من 244 مليوناً من البشر، يتوزعون على مجموعة من الثقافات والأعراق والأديان، وتبدو ثقافة التفاهم هي القاسم المشترك. أما تاج محل فهو ضريح، إلّا أنه ملحمة معمارية تجاوزت جمالياتها مكان هذا المعمار إلى العالم، ويحق حتى للهندي الفقير أن يقول إن هذا القصر يخصّه، كما رامبرانت طاغور بروحه الأسطورية أيضاً، فهو ليس بالنسبة للهنود مجرد شاعر ورسام ومسرحي، بل هو دليلهم إلى الحكمة والجمال، غير أن الهنود أضافوا إلى هذا الفخر الثلاثي واحدة رابعة. إنها بوليوود. إلى وقت ليس بالقصير، كنت أظن أن بوليوود مكان مثل هوليوود، لكن الكلمة صفة أو مصطلح يتعلق بصناعة السينما الهندية، وولدت بوليوود في العام 1913، وعندما نشاهد اليوم صور نجمات السينما الهنديات على صفحات الجرائد، نعتقد أن الأمر ينحصر في تنافس الجمال، وينطوي على فكرة إزاحة المركزية الثقافية السينمائية (هوليوود) من ذاكرة ملايين عشاق السينما، لكن الأمر ليس كذلك. بوليوود صناعة وفن واستثمار وذاكرة ثقافية هندية، وإلى جانب ذلك هي مال وأعمال واقتصاد، فحجم صناعتها وصل عام 2012 إلى 202 مليار دولار، وبنسب نمو ملحوظة. ليس ما يميز الهند الديمقراطية والضريح والشاعر والسينما، بل الفقر أيضاً، لكن أي مفهوم للفقر يمكن النظر إليه، وأنت تقرأ عن مليارات من الدولارات تضخها السينما في الاقتصاد الهندي؟. المنافس العالمي الوحيد لهوليوود هي بوليوود. الأولى تحيلك إلى الفكر الاقتصادي الشره مالياً في الثقافة الغربية، والثانية تحيلك إلى اقتصاديات فقيرة في العالم، ومع ذلك تنتج سينما منافسة. هل المال هو العنصر الأساسي في إنتاج مشاريع سينمائية كبرى ؟ سأجازف وأقول لا، فربما قبل المال وبعده هناك العقل والإرادة والقدرة على التحدي، كما القدرة على التحمّل. وهذه كلها موجودة في الروح الهندية. yosflooz@gmail.com