أعمال التصعيد العسكري في دمشق وحلب من قِبَل نظام بشار الأسد خلال الأيام القليلة الماضية تؤكد أن حديثه عن الذهاب إلى جنيف بحثاً عن حل سياسي ليس إلا خدعة.. أي عملية سياسية يمكن أن تتم في ظل هذا التصعيد وفي ظل نزوح الآلاف من السوريين إلى لبنان والأردن؟ في الواقع كل المقدمات تشير إلى أن مؤتمر جنيف قد لا يُفضي إلى شيء، هذا إن عُقِد أصلاً. كانت الدول الراعية لعملية جنيف تتصوَّر أن نظام الأسد سيتوقف عن التصعيد الميداني وسيُنهي حصار القرى الثائرة ضده من باب إرسال رسائل إيجابية للطرف الآخر تدفعه إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، لكنه رفض حتى التظاهر بالتوقف عن القتال ويريد للمعارضة أن تتفاوض في ظل هذه الوضعية واستغلال كل يوم يسبق المؤتمر في تحقيق تقدم ميداني يخوِّل له فرض رؤيته. يحدث هذا في ظل اتفاق بين روسيا والمبعوث الأممي، الأخضر الإبراهيمي، على الاجتماع في الـ25 من نوفمبر الجاري بمشاركة أمريكية لتحديد دائرة المشاركين في جنيف.. والسؤال هو أي «مشاركين» يقصد الروس؟ الائتلاف الوطني الذي أعلن أنه لن يذهب للمؤتمر إلا بشروط أولها وقف التصعيد؟ أم إنهم يقصدون معارضة كارتونية مصطنعة لا تمثل الثورة؟ إن المعارضة الحقيقية لن تشارك في هذه المهزلة، ولن تمنحها شرعية لأن المقدمات غير مبشرة إطلاقاً، ولأن العملية السياسية تفتقد الحد الأدنى من الضوابط.. هذه ليست أجواء تفاوض وإنما أجواء إذعان يرفضه مشروع الثورة. لقد قطع الأسد بتصعيده الطريق على من يطالبون الائتلاف الوطني بالذهاب إلى جنيف وأثبت أن موافقته على المشاركة في المؤتمر ليست إلى حيلة لكسب الوقت، ولا يصحُّ أن تنسى الأمم المتحدة أن النظام في دمشق وافق على هدناتٍ سابقة ثم سرعان ما خرقها.